ـ روي ـ أن شريفاً من خيبر زنى بشريفة وكانا محصنين وحدهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فارسلوهما مع رهط منهم إلى بني قريظة فقدم الرهط حتى نزلوا على قريظة والنضير فقالوا لهم : إنكم خبير بهذا الرجل ومعه في بلده وقد حدث فينا حدث فلان وفلانة فجراً وقد أحصنا فنحب أن تسألوا لنا محمداً عن قضائه فيه فقالت لهم قريظة والنضير : إذاً والله يأمركم بما تكرهون ثم انطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسد وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالوا : يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا ما حدهما في كتابك فقال :"هل ترضون بقضائي" قالوا : نعم فنزل جبريل عليه السلام بالرجم فأخبرهم بذلك فأبوا أن يأخذوا به فقال له جبريل : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال عليه السلام :"هل تعرفون شاباً أمرد أبيض أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا" قالوا : نعم فقال :"أي رجل هو فيكم" قالوا : هو أعلم يهودي بقي على وجه الأرض بما أنزل الله على موسى في التوراة قال :"فأرسلوا إليه" ففعلوا فأتاهم فقال له عليه السلام :"أنت ابن صوريا" قال : نعم قال :"وأنت أعلم يهودي" قال : كذلك يزعمون قال :"أتجعلونه بيني وبينكم" قالوا : نعم قال له النبي عليه السلام :"أنشدك بالله الذين لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى وأخرجكم من مصر وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي ظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى وأنزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن" قال ابن صوريا : نعم والذي ذكرتني به لولا خشيت أن تحرقني التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هي في كتابك يا محمد قال :"إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم" فقال ابن صوريا والذي أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل الله في التوراة على موسى فقال له النبي عليه السلام :"فماذا كان أول ما ترخصتم به في أمر الله تعالى" قال : كنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فكثر الزنى في أشرافنا حتى زنى ابن عم ملكنا فلم يرجم ثم زنى رجل آخر في إسوة من الناس فأراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه وقالوا : والله لا ترجمه حتى ترجم فلاناً ابن عمك فقلنا : تعالوا نجتمع فلنضع شيئاً دون الرجم يكون على الشريف والوضيع فوضعنا الجلد والتحميم وهو أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار ثم تسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل دبر الحمار يطاف بهما فجعلوا هذا مكان الرجم فقالت اليهود لابن صوريا : ما أسرع ما أخبرته به وما كنت لما أثنينا عليك بأهل ولكنك كنت غائباً فكرهنا أن نغتابك فقال لهم : إأنه قد نشدني بالتوراة ولولا خشية التوراة أن تهلكني
٣٩٤
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١


الصفحة التالية
Icon