﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ﴾ كائناً من كان أيها الرؤساء والأحبار واقتدوا في مراعاة أحكامها وحفظها بمن قبلكم من الأنبياء وأشياعهم.
﴿وَاخْشَوْنِ﴾ في الإخلال بحقوق مراعاتها فكيف بالتعرض لها بسوء نهوا أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم أو مراقبة كبير ودلالة الآية تتناول حكام المسلمين ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِـاَايَـاتِى﴾ الاشتراء استبدال السلعة بالثمن أي أخذها بدلاً منه ثم استعير لأخذ شيء بدلاً مما كان له عيناً كان أو معنى أخذاً منوطاً بالرغبة فيما أخذ والإعراض عما أعطى ونبذ أي لا تستبدلوا بآياتي التي فيها بأن تخرجوها منها أو تتركوا العمل بها وتأخذوا لأنفسكم بدلاً منها ﴿ثَمَنًا قَلِيلا﴾ من الرشوة والجاه وسائر الحظوظ الدنيوية فإنها وإن جلت قليلة مسترذلة في نفسها لا سيما بالنسبة إلى ما فات عنهم بترك العمل بها.
آن جهان جيفه است ومردار ورخيص
بر نين مردار ون باشم حريصس حيات ماست موقوف فطام
اندك اندك جهد كن تم الكلام ولما كان الإقدام على التحريف لدفع ضرر كما إذا خشي من ذي سلطان أو لجلب نفع كما إذا طمع في الحظوظ الدنيوية نهوا عن كل منهما صريحاً.
﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾ مستهيناً به منكراً له كائناً من كان كما يقتضيه ما فعلوه من التحريف.
﴿فأولئك هُمُ الْكَـافِرُونَ﴾ لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره ولذلك وصفهم بقوله الظالمون والفاسقون فكفرهم بإنكاره وظلمهم بالحكم على خلافه وفسقهم بالخروج عنه ﴿وَكَتَبْنَا﴾ فرضنا عطف على أنزلنا التوراة ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أي على الذين هادوا ﴿فِيهَآ﴾ أي في التوراة ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ أي : تقاد بها إذا قتلها بغير حق ﴿وَالْعَيْنَ﴾ تفقأ ﴿بِالْعَيْنِ﴾ إذا فقئت بغير حق ﴿وَالانْفَ﴾ تجذم ﴿بِالانْفِ﴾ المقطوعة بغير حق ﴿وَالاذُنَ﴾ تصلم
٣٩٧
﴿بِالاذُنِ﴾ المقطوعة ظلماً
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
﴿وَالسِّنَّ﴾ تقلع ﴿بِالسِّنِّ﴾ المقلوعة بغير حقّ ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ أي : ذات قصاص بحيث تعرف المساواة وأما ما لا يمكن الاقتصاص منه من كسر عظم أو جرح لحم كالجائفة ونحوها فلا قصاص فيه لأنه لا يمكن الوقوف على نهايته ففيه ارش أو حكومة ﴿فَمَن تَصَدَّقَ﴾ أي : من المستحقين ﴿بِهِ﴾ أي بالقصاص أي فمن عفا عنه فالتعبير بالتصدق للمبالغة في الترغيب فيه.
﴿فَهُوَ﴾ أي : التصدق ﴿كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ أي : للمتصدق يكفر الله تعالى بها ما سلف من ذنبه وأما الكافر إذا عفا فلا يكون عفوه كفارة له مع إقامته على الكفر وفي الحديث "من أصيب بشيء من جسده فتركهكان كفارة له" وفي الحديث "ثلاثة من جاء بهن يوم القيامة مع الإيمان دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء وتزوج من الحور العين حيث شاء من عفا عن قاتله ومن قرأ دبر كل صلاة مكتوبة قل هو الله أحد عشر مرات ومن أدى ديناً خفياً" وقال بعضهم : الهاء كناية عن الجارح والقاتل يعني إذا عفا المجني عليه عن الجاني فعفوه كفارة لذنب الجاني لا يؤخذ به في الآخرة كما أن القصاص كفارة له فأما أجر العافي فعلى الله ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾ من الأحكام والشرائع ﴿فأولئك هُمُ الظَّـالِمُونَ﴾ المبالغون في الظلم المتعدون لحدوده تعالى الواضعون للشيء في غير موضعه ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَـارِهِم﴾ عطف على أنزلنا التوراة أي آثار النبيين المذكورين ﴿بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ أي : أرسلناه عقيبهم وجئنا به بعدهم يقال قفوت أثره قفوا وقفّوا أي اتبعته فهو يتعدى إلى واحد وإذا قلت قفيت على أثره بفلان يكون المعنى اتبعته إياه وحقيقة التقفية الإتيان بالشيء في قفا غيره والتضعيف فيه ليس للتعدية فإن فعل المضعف قد يكون بمعنى فعل المجرد كقدّر وقدر وإنما تعدى إلى الثاني بالباء فمفعوله الأول محذوف أي اتبعنا النبيين الذين ذكرناهم بعيسى وجعلناه ممن يقفوهم فحذف المفعول وجعل على آثارهم كالقائم مقامه ﴿مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاـاةِ﴾ حال من عيسى ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى﴾ عطف على قفينا ﴿فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ كما في التوراة وهو في محل النصب على أنه حال من الإنجيل أي : كائناً فيه ذلك كأنه قيل مشتملاً على هدى ونور ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاـاةِ﴾ عطف عليه داخل في حكم الحالية وتكرير ما بين يديه من التوراة زيادة تقرير.
﴿وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾ عطف على مصدقاً منتظم معه في سلك الحالية جعل كله هدى بعدما جعل مشتملاً عليه حيث قيل فيه هدى وتخصيص كونه هدى وموعظة للمتقين لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه.
قال الحافظ :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
كرانكشت سليماني نباشد
ه خاصيت دهد نقش نكيني