يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} ـ روي ـ أن رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المؤمنين يوادونهما فنهاهم الله تعالى عن الموالاة وقال :﴿لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ قوله الذين اتخذوا مفعول أول لقوله لا تتخذوا ومفعوله الثاني قوله أولياء ودينكم مفعول أول لقوله اتخذوا وهزؤاً مفعوله الثاني.
والهزؤ السخرية والاستهزاء واللعب بالفارسية (بازى) ومعنى اتخاذهم دين المسلمين مهزواً به وتلاعبهم به إظهارهم ذلك باللسان مع الإصرار على الكفر في القلب وقد رتب النهي عن موالاتهم على اتخاذهم دينهم هزؤاً ولعباً إيماء إلى العلة وتنبيهاً على أن من هذا شأنه جدير بالمعاداة فكيف بالموالاة ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ بيان للمستهزئين ومن قبلكم متعلق بأوتوا ﴿وَالْكُفَّارَ﴾ بالنصب عطف على الموصول الأول والمراد المشركون خصوا به لتضاعف كفرهم فالنهي عن موالاة من ليس على الحق رأساً سواء من كان ذا دين تبع فيه الهوى وحرفه عن الصواب كأهل الكتاب ومن لم يكن كالمشركين ﴿أَوْلِيَآءَ﴾ وجانبوهم كل المجانبة ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في ذلك بترك موالاتهم ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ أي : حقاً لأن الإيمان يقتضي الاتقاء ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَواةِ اتَّخَذُوهَا﴾ أي الصلاة والمناداة ﴿هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ كان المؤذنون إذا أذنوا للصلاة تضاحكت اليهود فيما بينهم وتغامزوا سفهاً واستهزاء بالصلاة وتجهيلاً لأهلها وتنفيراً للناس عنها وعن الداعي إليها ﴿ذَالِكَ﴾ أي : الاستهزاء المذكور المستقر ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ أي بسبب عدم عقلهم فإن السفه يؤدي إلى الجهل بمحاسن الحق والهزء به ولو كان لهم عقل في الجملة لما اجترأوا على تلك العظيمة، وفي "المثنوي" :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
كشتى بي لنكر آمد مردشر
كه زباد ك نيابد أو حذر
٤٠٨
لنكر عقلست عاقل را أمان
لنكري دريوزه كن ازعاقلان
قال العلماء ثبوت الأذان ليس بالمنام وحده بل هو ثابت بنص هذه الآية فإن المعنى إذا دعوتم الناس إلى الصلاة بالأذان والنداء الدعاء بأرفع الصوت.
وفي الأذان حكم منها إظهار شعائر الإسلام وكلمة التوحيد والإعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة إلى غير ذلك ولو وجد مؤذن حسن الصوت يطلب على أذانه الأجر والرزق وآخر يتبرع بالأذان لكن غير حسن الصوت فأيهما يؤخذ ففيه وجهان : أصحهما أنه يرزق حسن الصوت فإن لحسن الصوت تأثيراً كما أن لقبحه تغييراً وتنفيراً، وفي "المثنوي" :
يك مؤذن داشت بس او آزبد
در ميان كافرستان بانك زد
ند كفتندش مكو بانك نمار
كه شود جنك وعداوتها دراز
اوستيزه كرد وبس بي احتراز
كفت در كافرستان بانك نماز
خلق خائف شد زفتنه عامه
خود بيامد كافري باجامه
شمع وحلوا بانان جامه لطيف
هديه آورد وبيامد ون أليف
رس رسان كين مؤذن كوكجاست
كه صلا وبانك او راحت فزاست
دختري دارم لطيف وبس سني
آرزو مي بود اورا مؤمني
هي اين سود انمي رفت ازسرش
ندها مي داد ندين كافرش
هي اره مي ندانستم دران
تافر وخواند اين مؤذن آن أذان
كفت دختر يست اين مكروه بانك
كه بكوشم آمداين دوار دانك
من همه عمر اين نين آواز زشت
هي نشنيدم درين ديرو كنشت
خواهرش كفتا كه اين بانك أذان
هست اعلام درشعار مؤمنان
باورش نامد برسيد ازدكر
آن ديكرهم كفت آرى اي در
ون يقين كشتش رخ اوزرد شد
از مسلماني دل او سرد شد
بازرستم من زتشويش وعذاب
دوش خوش خفتم دران بي خوف خواب
راحتم اين بود از آواز او
هديه آوردم بشكر آن مردكو
ون بديدش كفت اين هديه ذير
كه مراكشتي مجيرو دستكير
كربمال ملك وثروت فردمي
من دهانت را راززر كردمي
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
ورد في التأذين فضائل وفي الحديث "أول الناس دخولاً الجنة الأنبياء ثم الشهداء ثم بلال" مع مؤذني الكعبة ثم مؤذنوا بيت المقدس ثم مؤذنوا مسجد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم وفي الحديث "ثلاثة لا يكترثون من الحساب ولا تفزعهم الصيحة ولا يحزنهم الفزع الأكبر حامل القرآن العامل بما فيه يقدم على الله سيداً شريفاً ومؤذن أذن سبع سنين لا يأخذ على أذانه طعماً وعبد مملوك أحسن عبادة ربه وأدى حق مولاه" وإذا اجتمع الأذان والإمامة في شخص فالإمامة أفضل لمواظبة النبي عليه السلام عليها وإنما أمَّ ولم يؤذن لأنه عليه السلام لو أذن لكان كل من تخلف عن الإجابة كافراً ولأنه لو كان داعياً لم يجز
٤٠٩