أن يشهد لنفسه ولأنه لو أذن وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لتوهم أن ثمة نبياً غيره ولأن الأذان رآه غيره في المنام فولاه إلى غيره وأيضاً أنه عليه السلام كان إذا عمل عملاً أثبته أي جعله ديمة وكان لا يتفرغ لذلك لاشتغاله بتبليغ الرسالة وهذا كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه لولا الخليفي لأذنت، وكره اللحن في الأذان لما روي أن رجلاً جاء إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال : إني أحبك فقال : إني أبغضك في الله فقال : لِمَ؟ فقال : لأنه بلغني أنك تغني في أذانك يعني تلحن وذلك مثل أن يقول آ بمد الألف الأولى لأنه استفهام وشك وأن يقول أكبار بمد الباء لأنه اسم الشيطان وغير ذلك إلى آخر كلمات الأذان، وإجابة المؤذن واجبة على كل من سمعه وإن كان جنباً أو حائضاً إذ لم يكن في الخلاء أو في الجماع، وذكر تاج الشريعة أن إجابة المؤذن سنة، وقال النووي مستحبة فيقول بمثل ما يقول المؤذن وضعف تقبيل ظفري إبهاميه مع مستبحتيه والمسح على عينيه عند قوله محمد رسول الله لأنه لم يثبت في الحديث المرفوع لكن المحدثين اتفقوا على أن الحديث الضغيف يجوز العمل به في الترغيب والترهيب فقط ويقول عند حي على الصلاة "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" وعند حي على الفلاح "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" وعند قوله الصلاة خير من النوم "صدقت وبالخير نطقت" وفي قوله قد قامت الصلاة "أقامها الله وأدامها" وحين ينتهي إلى قوله قد قامت الصلاة يجيب بالفعل دون القول.
ـ وروي ـ عن ميمونة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قام بين صف الرجال والنساء فقال :"يا معشر النساء إذا سمعتن أذان هذا الحبشي وإقامته فقلن كما يقول فإن لكن بكل حرف ألف درجة" قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : هذا في النساء فما للرجال قال :"ضعفان يا عمر" قال حضرة الشيخ الشهير بأفتاده أفندي : حبذا الكلام ونعم النداء الأذان فعند قوله الله أكبر الله أكبر "لو انكشف وتجلى عظمة الله تعالى وكبرياؤه" وعند قوله أشهد أن لا إله إلا الله "لو انكشف وحدانيته" وعند أشهد أن محمداً رسول الله "لو انكشف حقانيته" وعند الحيعلتين "لو ظهر الطلب من الطالب إلى المطلوب" وعند الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله "لو تجلى الذات لتم المقصود وحصل المراد" انتهى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
ومن فضائل الأذان أنه لو أذن خلف المسافر فإنه يكون في أمان إلى أن يرجع.
وإن أذن في أذن الصبي وأقيم في أذنه الأخرى إذا ولد فإنه أمان من أم الصبيان وإذا وقع هذا المرض أيضاً وكذا إذا وقع حريق أو هجم سيل أو برد أو خاف من شيء كما في "الأسرار المحمدية" والأذان إشارة إلى الدعوة إلى الله حقيقة والداعي هو الوارث المحمدي يدعو أهل الغفلة والحجاب إلى مقام القرب ومحل الخطاب فمن كان أصم عن استماع الحق استهزأ بالداعي ودعوته لكمال جهالته وضلالته ومن كان ممن ألقى السمع وهو شهيد يقبل إلى دعوة الله العزيز الحميد وينجذب إلى حضرة العزة ويدرك لذات شهود الجمال ويغتنم مغانم أسرار الوصال :
جوانا سرمتات ازند يران
كه رأى يرت ازبخت جوان به
﴿قُلْ يا اأَهْلَ الْكِتَـابِ﴾ ـ روي ـ أن نفراً من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن دينه فقال عليه السلام :"أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسمعيل وإسحق
٤١٠
ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" فحين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام قالوا : لا نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم فأنزل الله هذه الآية أي قل لهؤلاء اليهود الفجرة ﴿هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ﴾ من نقم منه كذا إذا عابه وأنكره وكرهه أي ما تعيبون وما تنكرون منا ديننا لعلة من العلل ﴿إِلا أَنْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ﴾ أي : إلا لأن آمنا بالله فهو مفعول له لتنقمون على حذف المفعول به الذي هو الدين ﴿وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا﴾ من القرآن المجيد ﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ﴾ أنزاله من التوراة والإنجيل وسائر الكتب الإلهية ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَـاسِقُونَ﴾ عطف على أن آمنا أي ولان أكثركم متمردون خارجون عن الإيمان بما ذكر حتى لو كنتم مؤمنين بكتابكم الناطق بصحة كتابنا لآمنتم به وإسناد الفسق إلى أكثرهم مع أن كلهم فاسقون لأنهم الحاملون لأعقابهم على التمرد والفساد وقيل هو عطف على أن آمنا على أنه مفعول به لكن لا على أن المستثنى مجموع المعطوفين بل هو ما يلزمهما من المخالفة كأنه قيل ما تكرهون من جهتنا إلا الإيمان بالله وبجميع كتبه المنزلة وإلا مخالفتكم حيث دخلنا الإيمان وأنتم خارجون منه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١