﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَـافِرِينَ﴾ تعليل لعصمته عليه السلام اى لا يمكنهم مما يريدون لك من الاضرار.
وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى ان لا يهدى الى حضرته قوما جحدوا نبوة الانبياء وماقبلوا رسالة الرسل ليبلغوا اليهم من ربهم او انكروا على الاولياء وما استمسكوا بعروة ولايتهم ليوصلوهم الى الله تعالى سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وفى الآية ايضا اشارة الى ان من امتثل لامر الخالق يعصمه من مضرة المخلوق كما عصم النبى عليه السلام وابو بكر الصديق رضى الله عنه فى الغار حين الهجرة فاذا عصم الله من امتثل لامره يعصم ايضا من يستشفع برسوله عليه السلام ويهديه الى سواء الصراط ـ حكى ـ ان سفينة مولى رسول الله ﷺ اخطأ الجيش بارض الروم واسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش فاذا بالاسد فقال يا ابا الحارث انا سفينة مولى رسول الله فكان مرادى كيت وكيت فاقبل الاسد يتبصبص حتى قام الى جنبه كما سمع صوتا اهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الاسد : قال السعدى فى البستان
يكى ديدم از عرصه رودبار
كه بيش آمدم بريلنكى سوار
جنان هول ازان حال برمن نشست
كه ترسيدنم باى رفتن ببست
تبسم كنان دست برلب كرفت
كه سعدى مدار انجه آيد شكفت
توهم كردن از حكم داور مييج
كه كردن نبيجد زحكم توهيج
محالست جون دوست داردترا
كه دردست دشمن كذارد ترا
وعن جابر رضى الله عنه قال كان النبى ﷺ فى بعض الغزوات فنزل مع قومه فى واد فتفرق الناس يستظلون بالاشجار وينامون واستظل عليه السلام بشجرة معلقا سيفه بغصنها فاذا رسول الله ﷺ يدعونا فلما حضرنا رأينا اعرابيا فقال عليه السلام ان هذا اخترط على سيفى وانا نائم فاستيقظت وهو فى يده صلتا فقال يمنعك منى فقلت الله يعنى يمنعنى الله منك فسقط السيف من يده فاخذته فقلت من يمنعك منى فقال كن خير آخذ قال الراوى قال له النبى عليه السلام أتشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله قال لا ولكن اعاهدك على ان لا اقاتلك ولا اكون مع قوم يقاتلونك فخلى عليه السلام سبيله وفى الحديث كمال توكل النبى عليه السلام وتصديق قوله ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ واستحباب مقابلة السيئة بالحسنة كذا فى شرح المشارق لابن الملك رحمه الله تعالى
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٧
﴿قل﴾ يا محمد مخاطبا ليهود والنصارى يا اأَهْلَ الْكِتَـابِ لَسْتُمْ عَلَى شَىْءٍ} اى دين يعتد به ويليق بان يسمى شيأ لظهور بطلانه ووضوح فساده ﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاـاةَ وَالانجِيلَ﴾ ومن اقامتهما الايمان بمحمد والاذعان لحكمه فان الكتب الآلهية باسرها آمرة بالايمان بما صدقته المعجزة ناطقة بوجوب الطاعة له والمراد اقامة اصولهما وما لم ينسخ من فروعهما ﴿وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ اى القرآن المجيد بالايمان به ونسب الانزال اليهم لانهم كانوا يدعون عدم نزوله الى نبى
٤١٨
اسرائيل ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم﴾ وهم علماؤهم ورؤساؤهم ﴿مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ اى القرآن ﴿طُغْيَـانًا وَكُفْرًا﴾ على طغيانهم وكفرهم القديمين وهو مفعول ثان ليزيدن ﴿فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ﴾ اى فلا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم بما تبلغه اليهم فان ضرر ذلك لاحق بهم لا يتخطاهم وفى المؤمنين مندوحة لك عنهموفى الآية اشارة الى ان حقيقة الدين انما هى احكام ظاهرة وباطنة والتزين بالاعمال ظاهرا وبالاحوال باطنا وهذا لا يتصور الا بمقدمتين ونتائج اربع فاما المقدمتان فاولاهما الجذبة الآلهية وثانيتهما التربية الشيخية واما النتائج فاولاها الاعراض عن الدنيا وما يتعلق بها كلها وثانيتها التوجه الى الحق بصدق الطلب وهما من نتائج الجذبة ثم تزكية النفس عن الاخلاق الذميمة وتحلية القلب بالاخلاق الآلهية وهما من نتائج التربية الشيخية باستمداد القوة النبوة والقوم الكافرون هم اهل الانكار يتعلقون بظاهر الدين ولا يعرفون وراءه غاية وليس الامر كذلك فان لكل ظاهر باطنا : وفى المثنوى
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٨
فائده هرظاهرى خود باطنست
همجو نفع اندر دواها كامنست
هيج خطاطى نويسد خط بفن
بهر عبن خط نه بهر خواندن
كند بينش مى نبيند غير اين
عقل اوبى سيرجون نبت زمين
نبت راجه خوانده جاه ناخوانده
هست باى اوبكل درمانده
كرسرش جنبد بسير بادرو
توبسر جنبانيش غره مشو
آن سرش كويد سمعنا اى صبا
باى او كويد عصينا خلنا


الصفحة التالية
Icon