﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ﴾ وهو ما يفرخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كطير الماء ﴿مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ ما مصدرية ظرفية أي : مدة دوامكم محرمين لا خلاف في الاصطياد أنه حرام على المحرم في البر فأما عين الصيد فظاهر الآية يوجب حرمة ما صاد الحلال على المحرم وإن لم يكن له مدخل فيه لكن مذهب أبي حنيفة أنه يحل له ما صاده الحلال وإن صاده لأجله إذا لم يشر إليه ولم يدل عليه وكذا ما ذبحه قبل إحرامه لأن الخطاب للمحرمين وكأنه قيل حرم عليكم ما صدتم في البر فيخرج منه مصيد غيرهم ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ فيما نهاكم عنه من جميع المعاصي التي من حملتها أخذ الصيد في الإحرام ﴿الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ لا إلى غيره حتى يتوهم الخلاص من أخذه تعالى بالالتجاء إليه كما قال تعالى :﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ (القيامة : ٣٠) أي : المنتهى والمرجع بسوق الملائكة إلى حيث أمرهم الله إما إلى الجنة وإما إلى السعير وفي الحديث "من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن أشفق من عذاب جهنم كف نفسه عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات" ومن أراد سهولة الموت فليبادر إلى الخيرات فمن لم يترك شهوة لم يرض عنه ربه بطاعته ومن لم يتق الله في سره لم ينتفع بما أبداه من علامة التقوى، وفي "المثنوي" :
كافرم من كرزيان كردست كس
درره ايمان وطاعت يكنفسكار تقوى دارد ودين وصلاح
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢١
كه بدان باشد بد وعالم فلاح والإشارة في الآية ﴿أُحِلَّ لَكُمُ﴾ أيها المستغرقون في بحر الحقائق ﴿صَيْدُ الْبَحْرِ﴾ ما تصيدون من بحر المعرفة بالمشاهدات والكشوف ﴿وَطَعَامُه مَتَـاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ يعني تشبعون بما يرد عليكم من وارد الحق وتجلي الصفات كما قال عليه السلام :"أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" وتطعمون منه السائرين إلى الله من أهل الإرادة كقوله تعالى :﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَآاـاِسَ الْفَقِيرَ﴾ (الحج : ٢٨) وهذا حال المشايخ وأهل التربية من العلماء الراسخين ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾
٤٤٣
ايها الطلاب ﴿صَيْدُ الْبَرِّ﴾ وهو ما سنح فى اثناء السير الى الله من مطالب الدنيا والآخرة كما قال عليه السلام الدنيا حرام على اهل الآخرة والآخرة حرام على اهل الدنيا وكلتاهما حرامان على اهل الله ﴿مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ اى ما دمتم محرمين الى كعبة الوصول متوجهين الى حضرة الوصال فان حكم المتوجه ينافى حكم الواصل الكامل لان من وصل صار محوا والمتوجه صاح وبون بين الصاحى والماحى فان افعال الصاحى به ومنه واحوال الماحى ليست به ولا منه والله غالب على امره فبى يسمع وبى ينطق وبى يبطش ولهذا قال تعالى ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ اى اذا فرغتم من مناسك الوصول وسلكتم مسالك الاصول سقط عنكم كلف المحرمين ومؤونات المسافرين وثبت لكم لزوم العاكفين واحكام الطائفين كما قال ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ يعنى اتقوا بالله الذى اليه تجمعون وتصلون عما سواه لكيلا تحوروا بعدما تكوروا نعوذ بالله من الحور بعد الكور كذا فى التأويلات النجمية المسماة ببحر الحقائق اللهم افض علينا من بركات اوليائك وادر علينا من كاسات احبائك واودائك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢١