قبله اش دنياست اورامرده دان ومن أخلاق النفس حب المال والكبار قد عدوا المال الطيب حجاباً فما ظنك بالخبيث منه فلا بد من تصفية الباطن وتخليته عن حب ما سوى الله تعالى.
ومنها العلوم النافعة والعلوم الغير النافعة فالنافعة كعلوم الشريعة وغير النافعة كعلوم الفلاسفة، وفي "المثنوي" :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٤
علم دين فقهست وتفسير وحديث
هركه خواند غير ازين كردد خبيث ومنها الأعمال الصالحة والأعمال الغير الصالحة فما أريد به وجه الله تعالى فهو صالح وما أريد به الرياء والسمعة فهو غير صالح :
عبادت بإخلاص نيت نكوست
وكرنه ه آيد زبى مغز وست
قال في "التأويلات النجمية" الخبيث ما يشغلك عن الله والطيب ما يوصلك إلى الله.
وأيضاً الطيب هو الله الواحد والخبيث ما سواه وفيه كثرة ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ الواو لعطف الشرطية على مثلها المقدر أي : لو لم يعجبك كثرة الخبيث ولو أعجبتك وكلتاهما في موضع الحال من فاعل لا يستوي أي : لا يستويان كائنين على كل حال مفروض وجواب لو محذوف والمعنى والتقدير أن الخبيث ولو أعجبتك كثرته يمتنع أن يكون مساوياً للطيب فإن العبرة بالجودة والرداءة دون القلة والكثرة فإن المحمود القليل خير من المذموم الكثير بل كلما كثر الخبيث كان أخبث ومعنى الإعجاب السرور بما يتعجب منه يقال : يعجبني أمر كذا أي : يسرني والخطاب في أعجبك لكل واحد من الذين أمر النبي عليه السلام بخطابهم ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في تحري الخبيث وإن كثروا وآثروا الطيب وإن قل يا اأُوْلِى الالْبَـابِ} يا ذوي العقول الصافية وهم في الحقيقة من تخلصت قلوبهم وأرواحهم من قشور الأبدان والنفوس ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ راجين أن تنالوا الفلاح وهو سعادة الآخرة، ثم إن التقوى على مراتب، قال ابن عطاء : التقوي في الظاهر مخالفة الحدود وفي الباطن النية والإخلاص وقال في قوله تعالى :﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (آل عمران : ١٠٢) وهو صدق قولك لا إله إلا الله وليس في قلبك شيء سواه، ومن وصايا حضرة المولوي قبيل وفاته (أوصيكم بتقوى الله في السر والعلانية وبقلة الطعام وقلة المنام وقلة الكلام وهجر المعاصي والآثام وترك الشهوات على الدوام واحتمال الجفاء من جميع الأنام وترك مجالسة السفهاء والعوام ودوام مصاحبة الصالحين الكرام فإن خير الناس من ينفع الناس وخير الكلام ما قل
٤٤٨
ودل).
واعلم أن النافع هو التقوى والسبب المنجي هو الإيمان والعمل الصالح دون الحسب والنسب فلا يغرنك الشيطان بكثرة أموالك وأولادك ووفرة مفاخر آبائك وأجدادك فأصل البول الماء الطيب والصافي والله تعالى يخرج الميت من الحي يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْـاَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْءَانُ تُبْدَ لَكُمْ}.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٤