اكر بيني كه نابينا واهست
اكر خاموش بنشيني كناهست
وفي الحديث "من رأى منكم منكراً إن استطاع أن يغيره فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه" وقد روي أن الصديق قال يوماً على المنبر يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها غير موضعها ولا تدرون ما هي وإنما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :"إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه عمهم الله بعقاب" فامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ولا تغتروا بقوله الله تعالى : يا اأَيُّهَا الَّذِينَ} الآية فيقول أحدكم عليّ نفسي والله لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليستعملن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ثم ليدعن خياركم فلا يستجاب لهم.
ولو قيل لرجل لم لا تأمر بالمعروف قال :(مراه كارست) أو قيل لرجل (فلا نرا أمر معروف كن) فقال :(مرا اوه كرده است) أو قال :(من عافيت كزيده أم) أو قال :(مرا با اين فضولي ه كار) يخاف عليه الكفر في هذه الصور، قال المولوي قدس سره :
توز كفتار تعالوا كم مكن
كيمياي بس شكر فست اين سخن
كرمسي كردد ز كفتارت نفير
كيميارا هين ازوي وامكير
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض لا يسقط إلا عند العجز عن ذلك وكان السلف معذورين في بعض الأزمان في ترك الإنكار باليد واللسان :
و دست وزبانرا نماند مجال
بهمت نمايند مردي رجال
والحاصل أن هذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأوقات فعلى المحب أن لا يتجاوز عن الحد ويراعي حكم الوقت فإن لكل زمان دولة ورجالاً.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٤
والإشارة يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} أي إيمان الطالبين الموقنين بأن الوجدان في الطلب كما قال تعالى :"ألا من طلبني وجدني" ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ فاشتغلوا بتزكيتها فإنه قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها فلا تشتغلوا قبل تزكيتها بتزكية نفوس الخلق ولا تغتروا بإرادة الخلق وبقولهم وحسن ظنهم فيكم وتقربهم إليكم فإنها للطالب سم الساعة وإن مثل السالك المحتاج إلى المسلك والذي يدعي إرادته ويتمسك به كمثل غريق في البحر محتاج إلى سابح كامل في صنعته لينجيه من الغرق فيتشبث به
٤٥٣
غريق آخر في البحر وهو يأخذ بيده لينجيه فيهلكان جميعاً فالواجب على الطالب المحق أن يتمسك بذيل إرادة صاحب دولة في هذا الشأن مسلك كامل ويستسلم للأحكام ولا يلتفت إلى كثرة الهالكين فإنه لا يهلك على الله إلا هالك ﴿لا يَضُرُّكُم﴾ أيها الطالبون ﴿مَّن ضَلَّ﴾ من المغرقين ﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ إلى الحق به ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ أيها الطالبون بجذبات العناية على طريق الهداية والمضلون بسلاسل القهر والخذلان على طريق المكر والعصيان ﴿فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي : فيذيقكم لذة ثواب أعمالكم والمعنى ليس للطالب أن يلتفت في أثناء سلوكه إلى أحد من أهل الصدق والإرادة بأن يقبله ليربيه ويغتربانه شيخ يقتدي به إلى أن يتم أمر سلوكه بتسليك مسلك كامل واصل ثم أن يرى شيخه أن له رتبة الشيخوخة فيثبته بإشارة التحقق في مقام التربية ودعوة الخلق فحينئذٍ يجوز له أن يكون هادياً مرشداً للمريدين باحتياط وافر فقد قال تعالى ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ (الرعد : ٧) فأما في زماننا هذا فقد آل الأمر إلى أن من لم يكن مريداً قط يدعي الشيخوخة ويخبر بالشيخوخة الجهال والضلال من جهالته وضلالته حرصاً لانتشار ذكره وشهرته وكثرة مريديه وقد جعلوا هذا الشأن العظيم والثناء الجسيم لعب الصبيان وضحكة الشيطان حتى يتوارثونه كلما مات واحد منهم كانوا يجلسون ابنه مقامه صغيراً كان أو كبيراً ويلبسون منه الخرق ويتبركون به وينزلونه منازل المشايخ فهذه مصيبة قد عمت ولعل هذه طريقة قد تمت فاندرست آثارها والله أعلم بأخبارها إلى ههنا من الإشارة من "التأويلات النجمية" يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} تصديره بحرف النداء والتنبيه لإظهار كمال العناية بمضمونه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٤