سورة الأعراف
وهي مكية إلا ثماني آيات منقوله :﴿وَإِذ نَتَقْنَا﴾ محكم كلها وقيل إلى قوله : وأعرض عن الجاهلين
وآياتها مائتان وخمس
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٢
﴿المص﴾ (ا) إشارة إلى الذات الأحدية، (ل) إلى الذات مع صفة العلم، (م) إلى معنى محمد صلى الله عليه وسلّم أي : نفسه وحقيقته، (ص) إلى الصورة المحمدية وهي جسده وظاهره.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "(ص) جبل بمكة كان عليه عرش الرحمن حين لا ليل ولا نهار" أشار بالجبل إلى جسد محمد صلى الله عليه وسلّم وبعرش الرحمن إلى قلبه كما ورود في الحديث :"قلب المؤمن عرش الله".
وقوله : حين لا ليل ولا نهار، إشارة إلى الوحدة، لأن القلب إذا وقع في ظل أرض النفس واحتجب بظلمة صفاتها كان في الليل، وإذا طلع عليه نور شمس الروح واستضاء بضوئه كان في النهار، وإذا وصل إلى الوحدة الحقيقية بالمعرفة والشهور الذاتي واستوى عنده النور والظلمة لفناء الكل فيه كان وقته لا ليل ولا نهار ولا يكون عرش الرحمن إلا في هذا الوقت، فمعنى الآية : أن وجود الكل من أوله إلى آخره كتاب أنزل إليك علمه كذا في "التأويلات القاشانية".
وقال الشيخ نجم الدين : إنه تعالى بعد ذكر ذاته وصفاته بقوله :﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ عرف نفسه بقوله :﴿المص﴾ يعني : الله إله من لطفه فرد عبده للمحبة والمعرفة، وأنعم عليه بالصبر والصدق لقبول كمالية المعرفة والمحبة بواسطة كتاب أنزل إليك انتهى.
وقال في "تفسير الفارسي" :(المص : نام قرآنست.
يا اسم ابن سوره.
١٣٣
يا هر حرفي أشارتست باسم ار اسماي الهي ون اله ولطيف وملك وصبور.
يا هر حرفي كنايتست از صفتي ون اكرام ولطف ومجد وصدق.
يا ايمايست باسم المصور.
يا بعض حروف دلالت براسما دارد بعض برافعال وتقدير نان بودَكه أنا الله أعلم وأفضل منم خداي كه ميدانم وبيان ميكنم يا ازهمه داناترم وحق از باطل جدا ميكردانم.
در حقايق سلمى كويدكه.
الف ازلست.
ولام ابد.
وميم ما بين ازل وابد.
وصاد اشارتست باتصال هر متصلي وانفصال هر منفصلي وفي الحقيقة نه اتصال را مجال كنجايش ونه انفصال محل نمايش).
اين ه راهست اين برون از فصل ووصل
كاندرونى فرع مى كنجد نه اصل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٣
نى معاني نى عبارت نى عيان
نى حقائق نى اشارت نى بيان
بر ترست ازمدركات عقل ووهم
لا جرم كم كشت دروى فكر وفهم
ون بكلى روى كفت وكوى نيست
هيكس راجز خموشى روى نيست
يقول الفقير غفر الله ذنوبه : إن الحروف المقطعة من المتشابهات القرآنية التي غاب علمها عن العقول، وإنما أعطي فهمها لأهل الوصول، وكل ما قيل فيها فهو من لوازم معانيها وحقائقها فلنا أن نقول : إن فيها إشارة إلى أن هذا التركيب الصفاتي والفعلي الواحدي الأبدي كان إفراداً في مرتبة الوحدة الذاتية الأزلية، فبالتجلي الإلهي صار المفرد مركباً، والمقطع موصلاً، والقوة فعلاً والجمع فرقاً وتعين النسب والإضافات، كما أن أصل المركبات الكلامية هو حروف التهجي ثم بالتركيب يحصل أب ثم أبجد ثم الحمد، وكما أن أصل الإنسان بالنسبة إلى تعين الجسم هو النطفة، ثم بالتصوير يحصل التركيب الجسمي والله أعلم.
﴿كِتَابٌ﴾ أي : هذا كتاب.
﴿أَنزَلَ إِلَيْكَ﴾ أي : من جهته تعالى ﴿فَلا يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ﴾ أي : شك ما في حقيته كما في قوله تعالى :﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾ (يونس : ٩٤) خلا إنه عبر عنه بما يلازمه من الحرج فإن الشاك يعتريه ضيق الصدر كما أن المتيقن يعتريه انشراحه خاطب به النبي عليه السلام والمراد الأمة، أي : لا ترتابوا ولا تشكوا.
قوله :(منه) متعلق بحرج يقال حرج منه، أي : ضاق به صدره ويجوز أن يكون الحرج على حقيقته، أي لا يكن فيك ضيق صدر من تبليغه مخافة أن يكذبوك، فإنه عليه السلام كان يخاف تكذيب قومه له، وإعراضهم عنه فكان يضيق صدره من الأداء، ولا ينبسط له فأمنه الله تعالى ونهاه عن المبالاة بهم.
﴿لِتُنذِرَ بِهِ﴾ أي : بالكتاب المنزل المتعلق بأنزل.
﴿وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي : ولتذكر المؤمنين تذكيراً.
﴿اتَّبَعُوا﴾ أيها المكلفون ﴿مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ يعني : القرآن.
﴿وَلا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ﴾ أي : من دون ربكم الذي أنزل إليكم ما يهديكم إلى الحق، وهو حال من الفاعل أي لا تتبعوا متجاوزين الله تعالى.
﴿أَوْلِيَآءَ﴾ من الجن والإنس بإطاعتهم في معصية الله.
﴿قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ بحذف إحدى التاءين، وما مزيد لتأكيد العلة أي تذكراً قليلاً أو زماناً قليلاً، تذكرون لا كثيراً حيث لا تتأثرون بذلك ولا تعملون بموجبه وتتركون دين الله تعالى وتتبعون غيره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٣
ثم شرع في التهديد إن لم يتعظوا بما جرى على الأمم الماضية بسبب إصرارهم على اتباع دين أوليائهم، فقال :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٣
﴿وَكَمْ﴾ للتكثير مبتدأ والخبر هو جملة ما بعدها.
﴿مِن قَرْيَةٍ﴾ تمييز ﴿أَهْلَكْنَاهَآ﴾ الضمير راجع إلى معنى كم، أي كثير من القرى أردنا
١٣٤


الصفحة التالية
Icon