درم نيز بهشت ابد از دست بهشت
واعلم : أن آدم تناول من شجره المحبة حقيقة فوقع في شبكة المحنة، وأمر بالصبر على الهجر ووعد بالوجد بعد الفقد، فكان ما كان من الترقيات المعنوية بعد التنزلات الصورية.
مقام عيش ميسر نمى شود بى رنج
بلى بحكم بلا بسته اند حكم الست
وشجرة العلم المجرد منهي عن أن يقربها أحد بدون المكاشفة والمشاهدة والمعاينة، فإن صاحبه محجوب ومحروم من لذات ثمرات الحقيقة، فلتكن المشاهدة همته من أول أمره إلى أن يصل إلى ذروة الكمال قبل مجيء الآجال، فإن فاجأه الموت وهو في الطريق فالله تعالى يوصله إلى مطلبه ولو في البرزخ، وأيضاً لا ينبغي لأحد أن يقرب من شجرة التدبير فإن التقدير كاف لكل غني وفقير، ألا ترى إلى قيام الصلاة فإنه إشارة إلى التقدير الأزلي وهو التفويض، والركوع إشارة إلى التدبير الأبدي وهو التسليم، والسجدة إشارة إلى الفناء الكلي عنهما ؛ إذ كما لا بد من التخلق بمثل هذه الصفات لا بد من الفناء عنها في غاية الغايات.
قال تعالى :﴿فِيهَا تَحْيَوْنَ﴾ أي : في المحبة وصدق الطلب، وقرع باب الفرج بالصبر والثبات على العبودية، وفي طلب الحق تموتون على جادة الشريعة بإقدام الطريقة، ومنها تخرجون إلى عالم الحقيقة يدل عليه قوله عليه السلام :"كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٦
بكوش خواجه واز عشق بى نصيب مباش
كه بنده را نخرد كس بعيب بى هنري
مرادرين ظلمات آنكه رهنمايى كرد
دعاى نيم شبى بود وكريه سحرى
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٦
يا بَنِى ءَادَمَ} خطاب للناس كافة ـ ـ روي ـ ـ أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فنزلت إلى آخر الآيات الثلاث.
﴿قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا﴾ أي : خلقناه لكم بإنزال سببه من السماء وهو ماء المطر فما تنبته الأرض من القطن والكتان من ماء السماء، وما يكون من الكسوة من أصواف الأنعام فقوام الأنعام أيضاً من ماء السماء.
واعلم : أن السماء فاعلة والأرض قابلة والحوادث الأرضية منسوبة إلى السماء فكل ما في الأرض إنما هو
١٤٧
بتدبيرات سماوية.
﴿يُوَارِى سَوْءَاتِكُمْ﴾ أي : يستر عوراتكم فكشف العورة مع وجود ما يسترها من اللباس في غاية القباحة، ولا شك أن الشيطان أغوى من فعل ذلك، كما أغوى آدم وحواء فبدت لهما سوءاتهما ونستعيذ بالله من شره.
﴿وَرِيشًا﴾ هو من قبيل ما حذف فيه الموصوف وأقيمت صفته مقامه، كأنه قيل ولباساً ريشاً، أي ذا ريش وزينة تتجملون به عبر عن الزينة بالريش تشبيهاً لها بريش الطائر ؛ لأن الريش زينة الطائر كما أن اللباس زينة لبني آدم، كأنه قيل : أنزلنا عليكم لباسين لباساً يواري سوءاتكم ولباساً يزينكم فإن الزينة غرض صحيح.
قال تعالى :﴿لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٧
قال الحسين الكاشفي :(در تفسير امام زاهد فرموده كه لباس آنست كه از نيه باشد وريش ازابرشيم وكتان وشم).
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ أي : خشية الله تعالى مبتدأ خبره قوله :﴿ذَالِكَ خَيْرٌ﴾ شبهت التقوى بالملبوس من حيث إنها تستر صاحبها وتحفظه مما يضره كما حفظه الملبوس.
قال قتادة والسدي : هو العمل الصالح لأنه يقي من العذاب ؛ كأنه قال لباس التقوى خير من الثياب لأن الفاجر وإن كان حسن الثياب فهو بادي العورة.
قال الشاعر :
إنى كأني أرى من لا حياء له
ولا أمانة وسط القوم عريانا قال الحافظ :
قلندران حقيقت بنيم جو نخرند
قباى اطلس آنكس كه ازهنر عاريست
وفي "التفسير الفارسي" :(﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ ووشش تقوى يعني لباس كه براى تواضع وشند ون شيمينها وجامها درشت.
﴿ذَالِكَ خَيْرٌ﴾ آن بهتراست كه ازلباسهاى نرم) وفي الحديث :"من رقّ ثوبه رقّ دينه" وقيل : أول من لبس الصوف آدم وحواء حين خرجا من الجنة.
وكان عيسى عليه السلام يلبس الشعر، ويأكل من الشجر، ويبيت حيث أمسى فلبس الصوف والشعر علامة التواضع، وفيه تشبيه بالمساكين والعاقل من اختار ما اختاره الصلحاء.
قال الصائب :
جمعي كه شت كرم بعشق نيند
ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند
واعلم أن لكل جزء من أجزاء الإنسان لباساً يواري سوءاة ذلك الجزء من ظاهره وباطنه، فلباس الشريعة يواري سوءاة الأفعال القبيحة بأحكام الشريعة في الظاهر، وسوءاة الصفات الذميمة النفسانية والحيوانية بآداب الطريقة في الباطن، والتقوى هو لباس القلب والروح والسر والخفي.