فلباس القلب من التقوى هو الصدق في طلب المولى يواري سوءاة طبع الدنيا وما فيها، ولباس الروح من التقوى محبة الحق تعالى يواري به سوءاة التعلق بغير المولى، ولباس السرّ هو شهود أنواع اللقاء يواري به سوءاة رؤية ما سوى الله تعالى، ولباس الخفي هو البقاء بهوية الحق يواري به سوءاة هوية الخلق (يعني همه تعينات مضمحل ومتلاشى كردد وحجاب ندار ازسر وجودات متكثرة دركشيده آيد وسر) ﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ (غافر : ١٦) برغرفه وحدت قهاري جلوه نمايد).
ملك ملك اوست او خود مالكست
غير ذاتش كل شيء هالكست
كل شيء ما خلا الله باطل
إن فضل الله غيم هاطل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٧
هالك آيديشى وجهش هست نيست
هستى اندرنيسنى خود طرفه ايست
١٤٨
﴿ذَالِكَ﴾ أي : إنزال اللباس ﴿مِنْ ءَايَـاتِ اللَّهِ﴾ الدالة على فضله ورحمته ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ فيعرفون نعمته حيث أغناهم باللباس عن خصف الورق، أو يتعظون فيتورعون عن القبائح نحو كشف العورة.
وفي "الأسرار المحمدية" : العالم مشحون بالأرواح فليس فيه موضع بيت، ولا زاوية إلا وهو معمور بما لا يعلمه إلا الله وما يعلم جنود ربك إلا هو.
قال حجة الإسلام في كتابه "معراج السالكين" : والدليل على ذلك أمر النبي عليه السلام "بالتستر في الخلوة وأن لا يجامع الرجل امرأته عريانين".
وكان الحسن، والحسين، وعبد الله بن جعفر، يدخلون الماء وعليهم السراويلات تستراً عن سكان الماء ـ ـ يحكى ـ ـ عن أحمد بن حنبل قال : كنت يوماً مع جماعة يتجردون ويدخلون الماء فاستعملت خبر النبي عليه السلام :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر" فلم أتجرد فرأيت تلك الليلة في المنام، كأن قائلاً يقول : أبشر يا أحمد فإن الله تعالى قد غفر لك باستعمال السنة فقلت، ومن أنت؟ قال : أنا جبرائيل فقد جعلك الله إماماً يقتدى بك.
قال في "الشرعة" : وينوي بلبس الثياب ستر العورة والعيب الواقع في البدن والتزين بها تودداً إلى أهل الإسلام، لا لحظ النفس فإن ذلك اللبس بتلك النية يصفي وينور العقل عن الكدورات تصفية بحيث لا يشوبه شيء من أهوية النفس وحظوظها ويؤجر عليه بتلك النية.
قيل : الأعمال البهيمية ما كان بغير نية.
فعلى العاقل جمع الهمم بحيث لا يسخ في السر ذكر غيره تعالى :
يا بَنِى ءَادَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَـانُ} أي : لا يوقعنكم في الفتنة والمحنة بأن يمنعكم من دخول الجنة بإغوائكم ﴿كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ﴾ نعت لمصدر محذوف، أي : لا يفتننكم فتنة مثل فتنة إخراج أبويكم آدم وحواء من الجنة، فإنه إذا قدر بكيده على إزلالهما فإن يقدر على إزلال أولاده أولى فوجب عليكم أن تحترزوا عن قبول وسوسته، والنهي في اللفظ للشيطان، والمعنى نهيهم عن اتباعه والافتتان به وهو أبلغ من لا تقبلوا فتنة الشيطان.
﴿يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ حال من أبويكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٧
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "أن لباسهما كان من الظفر" أي كان يشبه الظفر فإنه كان مخلوقاً عليهما خلقة الظفر وأسند نزع اللباس إلى الشيطان مع أنه لم يباشر ذلك لكونه سبباً في ذلك النزع.
﴿لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ﴾ أي : ليظهر لهما عوراتهما وكانا قبل ذلك لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر، كما روي أن آدم كان رجلاً طوالاً وكأنه نخلة سحوق كثير شعر الرأس فلما وقع بالخطيئة بدت سوءاته، وكان لا يراها، فانطلق هارباً في الجنة فعرضت له شجرة من شجر الجنة فحبسته بشعره، فقال : لها أرسليني فقالت لست مرسلتك فناداه ربه يا آدم أمني تفرّ قال لا ولكني استحييت ﴿أَنَّهُ﴾ أي : الشيطان أو الشأن ﴿يَرَاـاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ أي : جنوده وذريته ﴿مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ من لابتداء غاية الرؤية وحيث ظرف لمكان انتفاء الرؤية ومعناه بالفارسية (ازجايى كه شما اورانمى بينيد يعني أجسام ايشان از غايت رقت ولطافت در نظر شما نمى آيد وايشان أجسام شماراً بواسطه غلظت وكثافت مى بينند حذر از نين دشمن لازمست)، وفي "المثنوي" :
ازنبى برخوان كه ديو وقوم او
مى برنداز حال سى خفيه بو
ازرهى كه انس ازان آكاه نيست
زانكه زين محسوس وزين أشباه نيست
١٤٩
مسلكي دارند ازديده درون
ما زدزديهاى ايشان سرنكون
دمبدم خبط وزياني ميكنند
صاحب نقب وشكاف زوربند
ورؤيتهم إيانا من حيث لا نراهم في الجملة، أي : في بعض أحوالهم وهو حال بقائهم على صورهم الأصلية لا يقتضي امتناع رؤيتنا إياهم بأن يتمثلوا لنا كما تواتر من أن بعض الناس رأى الجن جهاراً علناً.