يا بَنِى ءَادَمَ} خطاب لكافة الناس ﴿أَمَّآ﴾ أصله إن ما ضمت كلمة ما إلى إن الشرطية تأكيداً لما فيها من معنى الشرط.
﴿يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ﴾ كائنون ﴿مِّنكُمْ﴾ أي : من جنسكم فهو صفة لرسل ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـاتِى﴾ صفة أخرى لرسل، أي : يبينون لكم أحكامي وشرائعي ومقتضى الظاهر كلمة إذا بدل إن لكون الإتيان محقق الوقوع في علم الله تعالى لكنه سيق المعلوم مساق المشكوك للتنبيه على أن إرسال الرسل أمر جائز لا واجب عقلاً، حتى لا يقدر على عدم إرساله ؛ ولا واجب شرعاً حتى يأثم بترك إرساله لأنه لا يجب على الله شيء لا عقلاً ولا شرعاً لكن مقتضى الحكمة إرسال الرسل لما فيه من الحكم والمصالح.
﴿فَمَنْ﴾ شرطية بالفارسية (س هركه) ﴿اتَّقَى﴾ منكم التكذيب.
﴿وَأَصْلَحَ﴾ عمله وأطاع رسوله الذي يقص آياته.
﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ أي : لا يخافون ما يلحق العصاة في المستقبل.
﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما فاتهم في الدنيا لاستغراقهم في الاستلذاذ بما أعد للمتقين في دار الكرامة والرضوان.
﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ منكم ﴿بآياتنا﴾ يعني :(تكذيب رسل كردند).
﴿وَاسْتَكْبَرُوا﴾ (وكبر آوردند وتعظم كردند يعني سركشى نمودند) ﴿عَنْهَا﴾ (ازايمان بدلائل وحدت ما).
﴿أولئك أَصْحَـابُ النَّارِ﴾ (ملازمان آتش اند) ﴿هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ﴾ (باقى اند ببقاء ابدى).
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٧
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أي : فمن أعظم ظلماً، أي لا أحد ﴿مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أي : ممن تقول عليه ما لم يقل ويدخل في التقول عليه إثبات الشريك والصاحبة والولد.
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ﴾ أي : كذب ما قاله وقد جعل الله الكذب عليه والتكذيب بآياته مساوياً في الإثم حيث قال :﴿أولئك﴾ الموصوفون بما ذكر من الافتراء والتكذيب ﴿يَنَالُهُمُ﴾ (برسد بديشان) ﴿نَصِيبَهُمْ﴾ كائناً ﴿مِّنَ الْكِتَـابِ﴾ أي : مما كتب لهم من الأرزاق والأعمال.
﴿حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾ أي : ملك الموت وأعوانه ﴿يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ أي : حال كونهم متوفين لأرواحهم قابضين لها وحتى،
١٥٨
وإن كانت هي التي يبتدأ بها الكلام لكنها غاية لما قبلها من الفعل، أي ينالهم نصيبهم من الكتاب إلى أن تأتيهم ملائكة الموت فإذا جاءتهم ﴿قَالُوا﴾ توبيخاً لهم ﴿أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي : أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا، وما وصلت بأين في خط المصحف وحقها الفصل لأنها موصولة ﴿قَالُوا﴾ أي : الكفار ﴿ضَلُّوا عَنَّا﴾ أي : غابوا عنا أي لا ندري مكانهم ﴿وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾ عطف على قالوا أي اعترفوا على أنفسهم.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا﴾ أي : في الدنيا ﴿كَـافِرِينَ﴾ أي عابدين لمن لا يستحق العبادة أصلاً حيث شاهدوا مآله وضلاله ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى :﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام : ٢٣) لاحتمال ذلك من طوائف مختلفة أو في أوقات مختلفة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٨


الصفحة التالية
Icon