وعن سعد بن عبادة أنه قال يا رسول الله إن أم سعد ماتت، فأي صدقة أفضل قال عليه السلام :"الماء" فحفر بئراً فقال عليه السلام :"هذه لأم سعد" يقول الفقير في الحديث دلالة على نفع الصدقة في الأموات كما ذهب إليه أهل السنة، وتخصيص الماء إما لأن أرض الحجاز أحوج شيء إليه فيكون أكثر ثواباً، وإما لأن جهنم بيت الحرارة واندفاعها بضدها وهي البرودة التي من أوصاف الماء فإن كل شيء يقابل بنقيضه والله أعلم.
﴿قَالُوا﴾ روي أنه لا يؤذن لأهل الجنة في الجواب مقدار أربعين سنة ثم يؤذن لهم في جوابهم فيقولون :﴿إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَـافِرِينَ﴾ أي : منع طعام الجنة وشرابها عنهم منع المحرم عن المكلف فلا سبيل إلى ذلك قطعاً، وإنما جعل شراب الكافرين الحميم الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود وطعامهم الضريع والزقوم.
﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ﴾ الذي أمروا بالتدين به وهو دين الإسلام.
﴿لَهْوًا وَلَعِبًا﴾ ملعبة يتلاعبون به يحرمون ما شاؤوا ويحلون ما شاؤوا ولا يتبعون أمر الله تعالى وإنما يتبعون أهواءهم التي زينها الشيطان لهم.
وقيل : كان دينهم دين إسماعيل عليه السلام فغيروه وتدينوا بما شاؤوا أو صرفوا همتهم فيما لا ينبغي أن تصرف إليه الهمم وطلبوا أن يفرحوا بما لا ينبغي أن يطلب.
وفي "التفسير الفارسي" :﴿دِينَهُمُ﴾ (عيد خودرا) ﴿لَهْوًا وَلَعِبًا﴾ مشغول وبازيه ايشان درعيد خود بحوالي كعبه مى آمدند ودست ميزدند وبازيه ميكردند) انتهى.
ويرخص اللعب في يوم العيد بالسلاح والركض، أي التسابق بالأفراس والأرجل وغير ذلك مما هو مباح مشروع وكانوا يضربون في القرن الأول بالدف ولكن لم يكن فيه جلاجل فما يفعلونه في هذا الزمان وقت العيد والختان، وعند اجتماع الإخوان من ضرب المزمار، وضرب الدف الذي فيه جلاجل ونحوها هو آلة اللهو ليس بمرخص وقولهم إن في ديننا فسحة إنما هو بالنسبة إلى الأمور المرخصة ألا يرى أن المزاج مباح إذا كان بما لا يخالف الشرع.
﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا﴾ بزخارفها العاجلة وطول الأمل ولذلك كانوا يستهزئون بالمسلمين كما روي في الخبر أن أبا جهل بعث إلى النبي عليه السلام رجلاً يستهزىء به أن أطعمني من عنب جنتك أو شيئاً من الفواكه فقال أبو بكر رضي الله عنه :"إن الله حرمهما على الكافرين" فعلى العاقل أن لا يغتر بالدنيا لأنها غدارة مكارة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٠
درديده اعتبار خوابيست
بر رهكذر اجل سرابيست
مشغول مشو بسرخ وزردش
انديشه مكن زكرم وسردش
سرمايه آفتست زنهار
خودرا زفريب أو نكهدار
١٧١
﴿فَالْيَوْمَ﴾ أي : يوم القيامة والفاء فصيحة.
نفعل بهم ما يفعل الناسي بالمنسي من عدم الاعتداد بهم، وتركهم في النار تركاً كلياً شبه معاملته تعالى مع الكفار بمعاملة من نسي عبده من الخير ولم يلتفت إليه وإلا فالله تعالى منزه عن حقيقة النسيان ﴿كَمَا نَسُوا لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـاذَا﴾ في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي ننساهم نسياناً مثل نسيانهم لقاء يومهم هذا فلم يخطروه ببالهم ولم يستعدوا له، يعني : أنه وإن لم يصح وصفهم بنسيانه حقيقة لأن النسيان يكون بعد المعرفة وهم لم يكونوا معترفين بلقاء يوم القيامة ومصدقين به لكنه شبه عدم إخطارهم لقاء الله تعالى ببالهم وعدم مبالاتهم به بحال من عرف شيئاً ونسيه، ومثل هذه الاستعارات كثير في القرآن لأن تفهيم المعاني الواقعة في عالم الغيب إنما يكون بأن يعبر عنها بما يماثلها من عالم الشهادة.
﴿وَمَا كَانُوا بآياتنا يَجْحَدُونَ﴾ عطف على ما نسوا، أي وكما كانوا منكرين بأنها من عند الله إنكاراً مستمراً فما مصدرية ويظهر أن الكاف في كما للتعليل فإن التشبيه غير ظاهر في ما كانوا إلا باعتبار لازمه وهو الترك.
﴿وَلَقَدْ جِئْنَـاهُم بِكِتَـابٍ فَصَّلْنَـاهُ﴾ أي : بيناه معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ مفصلة والضمير للكفرة قاطبة والمراد بالكتاب الجنس أو للمعاصرين منهم والكتاب هو القرآن.
﴿عَلَى عِلْم﴾ حال من فاعل فصلناه أي عالمين بوجه تفصيله حتى جاء حكيماً أو من مفعوله أي مشتملاً على حكم كثيرة.
﴿هُدًى وَرَحْمَةً﴾ حال من هاء فصلناه أي حال كون ذلك الكتاب هادياً وذا رحمة ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون أنه من عند الله لأنهم المنتفعون بآثاره المقتبسون من أنواره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٠