قال يوسف بن أسباط : دخلت على سفيان فبكى ليله أجمع فقلت بكاؤك هذا على الذنوب فحمل تبناً، وقال : الذنوب أهون على الله تعالى من هذا إنما أخشى أن يسلبني الله الإسلام فكل الرسل والأبدال والأولياء مع كل هذا الاجتهاد في الطاعة، والحذر عن المعصية فأي شيء تقول أما كان لهم حسن الظن بالله قال بلى فإنهم كانوا أعلم بسعة رحمة الله وأحسن ظن بجوده منك، ولكن علموا أن ذلك دون الاجتهاد أمنية وغرور جعلنا الله وإياكم من العالمين بكتابه والواصلين إلى جنابه دون من نسي الله واتبع هواه آمين آمين ألف آمين.
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ﴾ الخطاب لكفار مكة المتخذين أرباباً.
والمعنى (بدرستى كه روردكارشما) على التحقيق.
﴿اللَّهِ﴾ (خدا ييست) جامع جميع صفات كمال.
﴿الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ﴾ لا على مثال سبق ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ أي : في ستة أوقات ولو شاء لخلقها في أسرع من لحظة ولكنه علم عباده التأني في الأمور.
وفي "المثنوي" :
مكر شيطانست تعجيل وشتاب
خوى رحمانست صبر واحتساب
باتأنى كشت موجود از خدا
تابشش روز اين زمين ورخهاورنه قادر بود كز كن فيكون
صد زمين ورخ آوردى برون
اين تأني ازى تعليم تست
صبركن دركار دير آى ودرست
قالوا : لا يحسن التعجيل إلا في التوبة من الذنوب، وقضاء الدين بعد انقضاء مدته، وقرى الضيف، وتزويج البكر بعد بلوغها، ودفن الميت، والغسل من الجنابة.
واعلم : أن الله تعالى بالقادرية والخالقية أوجد السموات والأرض وبالمدبرية والحكيمية خلقها في ستة أيام، وإنما حصر في الستة أنواع المخلوقات الستة، وهي الأرواح المجردة، والثاني : الملكوتيات فمنها الملائكة والجن والشياطين وملكوت السموات، ومنها العقول المفردة والمركبة، والثالث : النفوس كنفوس الكواكب ونفس الإنسان ونفس الحيوان ونفس النبات والمعادن، والرابع : الإجرام وهي البسائط العلوية من أجسام اللطيفة كالعرش والكرسي والسموات والجنة والنار، والخامس : الأجسام المفردة وهي العناصر الأربعة، والسادس : الأجسام المركبة الكثيفة من العناصر فعبر عن خلق كل منها بيوم وإلا فالأيام الزمانية لم تكن قبل خلق السموات والأرض.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ العرش يطلق على السرير الذي يجلس عليه الملوك وعلى كل ما علاك وأظل عليك، وهو بهذين المعنيين مستحيل في حقه تعالى فجعل الاستواء على العرش كناية عن نفس الملك والعز والسلطنة على طريق ذكر اللازم وإرادة الملزوم، فالمعنى بعد أن خلق الله عالم الملك
١٧٤
في ستة أيام كما أراد استوى على الملك وتصرف فيه كيف شاء فحرك الأفلاك وسير الكواكب وكور الليالي والأيام ودبر أمر مصنوعاته على ما تقتضته حكمته، وهذا معنى قول القاضي استوى أمره، أي : استقر أمر ربوبيته وجرى أمره وتدبيره ونفذ قدرته في مصنوعاته وتخصيص العرش ؛ لأنه أعظم المخلوقات فإنه الجسم المحيط بجميع الأجسام فالاستواء عليه استواء على ما عداه أيضاً من الجنة والنار والسموات والعناصر وغيرها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٠
وفي "التفسير الفارسي" :﴿ثُمَّ اسْتَوَى﴾ (س قصد كرد على العرش بآفرينش عرش).
قال الحدادي : ويقال ثم هنا بمعنى الواو على طريق الجمع والعطف دون التراخي فإن خلق العرش كان قبل خلق السموات والأرض وقد ورد في الخبر "إن أول شيء خلق الله القلم ثم اللوح فأمر الله القلم أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق العرش ثم خلق حملة العرش ثم خلق السموات والأرض".
قال شيخي العلامة أبقاه الله بالسلامة : المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه، لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علواً كبيراً عما يقول : الظالمون، بل باعتبار أمره الإيجادي وتجليه التجلي الأحدي المعبر عنه في القرآن بالحق، واستواء الأمر الإرادي الإيجادي على العرش بمنزلة استواء الأمر التكليفي الإرشادي على الشرع، فكما أن كل واحد من الأمرين قلب الآخر وعكسه المستوي السوي، فكذلك كل واحد من العرش والشرع قلب الآخر وعكسه السوي المستوي انتهى باختصار.


الصفحة التالية
Icon