﴿وَأَمْطَرْنَا﴾ (بارانيديم) ﴿عَلَيْهِمْ﴾ (بركفا قوم لوط) ﴿مَّطَرًا﴾ نوعاً من المطر عجيباً وهي الحجارة، أي : أرسلنا عليهم الحجارة إرسال المطر.
﴿فَانظُرْ﴾ خطاب لكل من يتأتى من التأمل والنظر تعجيباً من حالهم وتحذيراً من أعمالهم.
﴿كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي : تفكر في آخر أمر الكافرين المكذبين كيف فعلنا بهم.
قيل : كان السبب في اختراعهم هذه الخصلة القبيحة، أي اللواطة أن بلادهم وهي أرض الشام أخصبت بأنواع الثمار والحبوب فتوجه إليهم الناس من النواحي والأطراف لطلب المعروف فتأذوا من كثرة ورود الفقراء فعرض لهم إبليس في صورة شيخ، وقال : إنْ فعلتم بهم كذا وكذا نجوتم منهم فأبوا، فلما ألح الناس عليهم قصدوهم فأصابوا غلماناً صباحاً فأخبثوا فاستحكم فيهم ذلك وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء.
وقال الكلبي : أول من فعل به ذلك الفعل إبليس الخبيث حيث تمثل لهم في صورة شاب جميل فدعاهم إلى نفسه ثم عملوا ذلك العمل بكل من ورد عليهم من المرد قضاء لشهوتهم ودفعاً لهجوم الناس عليهم وعاشوا بذلك العمل زماناً فلما كثر فيهم عجت الأرض إلى ربها فسمعت السماء فعجت إلى ربها فسمع العرش فعج إلى ربه فأمر الله السماء أن تحصبهم والأرض أن تخسف بهم أمطروا أولاً بالحجارة ثم خسف بهم الأرض وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم.
وروي أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه.
دلت الآية على أن اللواطة أفحش الفواحش وأقبحها لأن الله تعالى ما أمطر الحجارة على أهل الذنوب العظام مثل الزنى والعقوق والسرقة والقتل بغير الحق وغير ذلك من الكبائر حتى الشرك.
قال ابن سيرين : ليس شيء من الدواب يعمل هذا العمل إلا الخنزير والحمار، فاللواطة ذنب عظيم يجب أن يحترز عنها وعن مباديها أيضاً كاللمس والقبلة.
قال الإمام : مَنْ قَبّل غلاماً بشهوة، فكأنما زنى بأمه سبعين مرة، ومن زنى مع أمه مرة فكأنما زنى بسبعين بكراً، ومن زنى من البكر مرة، فكأنما زنى مع سبعين ألف امرأة، وضرر النظر في الأمرد أشد لامتناع الوصول في الشرع ؛ لأنه لا يحل الاستمتاع بالأمرد أبداً.
قال الشيخ سعدى قدس سره :
خرابت كند شاهد خانه كن
بروخانه آباد كردان بزن
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
نشايد هوس باختين باكلى
كه هر بامدادش بود بلبلى
مكن بد بفرزند مردم نكاه
كه فرزند خويشت بر آيد تباه
را طفل يك روزه هوشش نبرد
كه در صنع ديدن ه بالغ ه خر
محقق همي بيند اندر ابل
كه درخوب رويان ين وكل
وحكي أن سليمان بن داود عليهما السلام قال : يوماً لعفريت من الجن : ويلك أين إبليس قال : يا نبي الله هل أمرت فيه بشيء قال : لا قال : أين هو قال : انطلق يا نبي الله فانطلق ومشى العفريت بين يدي سليمان حتى هجم به على البحر فإذا إبليس على بساط على الماء فلما رأى سليمان ذعر منه وفرق فقام فتلقاه فقال يا نبي الله هل أمرت فيّ بشيء قال : لا ولكن جئت لأسألك عن أحب الأشياء إليك وأبغضها إلى الله تعالى فقال إبليس أما والله لولا ممشاك إليّ ما أخبرتك ليس شيء
١٩٧
أبغض إلى الله تعالى من أن يأتي الرجل الرجل والمرأة المرأة وفي الحديث :"سحاق النساء زنى بينهن" وفي "ملتقطة الناصري" الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحاً فحكمه حكم الرجال وإن كان صبيحاً فحكمه حكم النساء، وهو عورة من قرنه إلى قدمه يعني لا يحل النظر إليه عن شهوة فأما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به، ولذا لم يؤمر بالنقاب والأمرد إذا كان صبيحاً فأراد أن يخرج في طلب العلم فلأبيه أن يمنعه.
وكان محمد بن الحسن صبيحاً، وكان أبو حنيفة يجلسه في درسه خلف ظهره أو خلف سارية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه حتى إن واحداً من العلماء مات فرؤي في المنام قد اسودّ وجهه، فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاماً في موضع كذا فنظرت إليه فاحترق وجهي في النار.
قال القاضي : سمعت الإمام يقول : إن مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطاناً، ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لأنه يذهب بالمهابة ويورث التهمة.
قال الشيخ سعدي :
و خواهى كه قدرت بماند بلند
دل اي خواجه درساده رويان مبند
وكر خود نباشد غرض درميان
حذركن كه دارد بحرمت زيان
ويكره بيع الأمرد ممن يعلم أنه يفضي إليه غالباً لأنه إعانة على المعصية.
فإن قلت : سلمنا أن الغلام ليس محلاً للحرث والتولد لكنه يكون محلاً لقضاء الشهوة واستيفاء اللذة فالعقل يقتضي أن يتصرف المالك في ملكه كيف يشاء.