وفي رواية "الخلاصة" الصائم إذا عالج ذكره حتى أمنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان إن قصد قضاء الشهوة وإن قصد تسكين شهوته أرجو أن لا يكون عليه وبال.
وفي بعض "حواشي البخاري" : والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى :﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـافِظُونَ﴾ (المؤمنون : ٥) إلى قوله :﴿فأولئك هُمُ الْعَادُونَ﴾ (المؤمنون : ٧) أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
قال البغوي في الآية : دليل على أن الاستمناء باليد حرام.
قال ابن جريج : سألت عطاء عنه فقال سمعت أن قوماً
١٩٩
يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
وعن سعيد بن جبير : عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم، والواجب على فاعله التعزير كما قال ابن الملقن وغيره : نعم يباح عند أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله إذا خاف على نفسه الفتنة، وكذلك يباح الاستمناء بيد زوجته أو جاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لأنه في معنى العزل وفي "التتارخانية" قال أبو حنيفة حسبه أن ينجو رأساً برأس كذا في "أنوار المشارق" لمفتي حلب الشهباء والله أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
﴿وَإِلَى مَدْيَنَ﴾ أي : وأرسلنا إلى قبيلة مدين وهم أولاد مدين بن إبراهيم خليل الله عليه السلام ﴿أَخَاهُمْ﴾ في النسب، أي واحداً منهم ﴿شُعَيْبًا﴾ عطف بيان لأخاهم وهو شعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين، الذي تزوج ريثا بنت لوط فولدت له وكثر نسله فصار مدين قبيلتهم.
قال الضحاك : بكى شعيب من خشية الله حتى ذهب عيناه وصار أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين مع كفرهم.
﴿قَالَ﴾ استئناف بياني.
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} وحده ﴿مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُهُ﴾ مر تفسيره ﴿قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ﴾ معجزة ﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ متعلق بجاءتكم أو بمحذوف هو صفة لفاعله مؤكدة لفخامة الذاتية المستفادة من تنكيره بفخامته الإضافية، أي بينة عظيمة كائنة من مالك أموركم ولم يذكر معجزته في القرآن كما لم يذكر أكثر معجزات نبينا عليه السلام.
قال في "التفسير الفارسي" :(درقران معجزه شعيب مذكور نيست ودر أحاديث نيز بنظر فقير نرسيده أما در آيات باهرات كه ذكر معجزات أنبيا ميكنند ميكويدكه معجزه شعيب آن بودكه ون بكوه بلند برآمدى كوه سرفرود آوردى تا شعيب بآسانى بروى صعود كردى) وذكر بعض معجزاته في "الكشاف" فارجع إليه.
﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ الكيل مصدر قولك كلت الطعام كيلاً والمعنى المصدري لا يمكن إيفاؤه لأن النقص والإتمام من خواص الأعيان فحمله القاضي على حذف المضاف، أي : آلة الكيل وفسره أبو السعود بالمكيال ويؤيده قوله :﴿وَالْمِيزَانَ﴾ فإن المتبادر منه الآلة وإن جاز كونه مصدراً كالميعاد فحمل الكيل على ما يكال به كما يطلق العيش على ما يعاش به وكان لهم ميكالان وميزانان أحدهما أكبر من الآخر، فإذا اكتالوا على الناس يستوفون بالأكبر وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون بالأصغر والمعنى أدوا حقوق الناس بالمكيال والميزان على التمام ﴿وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ﴾ أي لا تنقصوا ﴿أَشْيَآءَهُمْ﴾ التي يشترونها بهما معتمدين على تمامها أي شيء كان وأي مقدار كان فإنهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير فالتعبير بالأشياء دون الحقوق للتعميم فإن مفهوم الشيء أعم بالنسبة إلى مفهوم الحق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٠
واعلم : أن بخس الناس أشياءهم في المكيل والموزون من خساسة النفس ودناءة الهمة وغلبة الحرص ومتابعة الهوى والظلم وهذه الصفات الذميمة من شيم النفوس وقد ورد الشرع بتبديل هذه الصفات وتزكية النفس فإن الله تعالى يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها وفي الحديث :"ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف" وفي الحديث :"الصلاة أمانة والوضوء أمانة والوزن أمانة والكيل أمانة" روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لأصحابه :"الكيل
٢٠٠
والوزن أنتم قد وليتم أمراً فيه هلكت الأمم السالفة قبلكم" ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِى الأرْضِ﴾ أي : بالكفر والحيف ﴿بَعْدَ إِصْلَـاحِهَا﴾ بعدما أصلح أمرها وأهلها الأنبياء واتباعهم بإجراء الشرائع.
﴿ذالِكُمْ﴾ إشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه.
﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ من التطفيف والبخس والإفساد وقيل خير ههنا ليس على بابه من التفضيل، بل بمعنى نافع عند الله ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ أي : مصدقين بي في قولي هذا.