﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ﴾ الباء للإلصاق أو المصاحبة لأن القعود ملصق بالمكان وإن القاعد ملابسه ويحتمل أن تكون بمعنى في ؛ لأن القاعد يحل بمكان قعوده وأن تكون بمعنى على لاستيلاء القاعد على المكان.
﴿تُوعَدُونَ﴾ حال من فاعل لا تقعدوا ولم يذكر الموعد به ليذهب الذهن كل مذهب، والمعنى ولا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين موعودين أي مخوفين كالشيطان حيث قال : لأقعدن لهم صراطك المستقيم وصراط الله وإن كان وحداً لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام وكانوا إذا رأوا أحداً يسعى في شيء منها منعوه، وقيل : كانوا يجلسون على المرصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذاب لا يفتننك عن دينك ويتوعدون من آمن به وقيل يقطعون الطريق، ﴿وَتَصُدُّونَ﴾ عطف على ما توعدون أي تمنعون وتصرفون، ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي : السبيل الذي قعدوا عليه.
﴿مَنْ ءَامَنَ بِهِ﴾ أي : بكل صراط وهو مفعول تصدون.
﴿وَتَبْغُونَهَا﴾ من باب الحذف والإيصال والتقدير وتبغون لها أنث ضمير السبيل لأنه يذكر ويؤنث.
والمعنى وتطلبون لسبيل الله.
﴿عِوَجَا﴾ زيغاً وعدولاً عن الحق بإلقاء الشبه أو بوصفها للناس بأنها معوجة وهي أبعد شيء من شائبة الاعوجاج.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٠
وفيه إشارة إلى الذين قطعوا طريق الوصول إلى الله على الطالبين بأنواع الحيل بالمكايد وطلبوا الاعوجاج فيه بإظهار الباطل، كما قطعوا على أنفسهم فإن شر المعاصي ما لا يكون لازماً لصاحبه بل يكون متعدياً عنه إلى غيره ؛ لأن ضرر التعدية عائد إلى المبتدىء بقدر الأثر في التعدي.
﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ﴾ بالبركة في النسل والمال فصار ضعفكم قوة وفقركم غنى ﴿وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ من الأمم الماضية كقوم نوح ومن بعده من عاد وثمود وإضرابهم واعتبروا بهم واحذروا من سلوك مسالكهم.
﴿وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ ءَامَنُوا بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ من الشرائع والأحكام.
﴿وَطَآاـاِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا﴾ أي به.
قال في "التفسير الفارسي" :(قومى از مدين بشعيب عليه السلام ايمان آوردند جمعي ديكر انكار كردند وكفتند قوت وثروت ما راست نه مؤمنارا س حق باما باشد واكر حق با يشان بودى بايستى كه توانكرى ووسعت معاش ايشانرا بودى شعيب عليه السلام فرمودكه اكره شما دوكره شده ايد).
﴿فَاصْبِرُوا﴾ فتربصوا ﴿حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا﴾ أي : الفريقين بنصر المحقين على المبطلين فهو وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين.
﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَـاكِمِينَ﴾ إذ لا معقب لحكمه ولا حيف فيه وهو أعدل القاضين.
٢٠١
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٠
﴿قَالَ الْمَلا الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ﴾ بعدما سمعوا هذه المواعظ من شعيب عليه السلام وهو استئناف بياني.
﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ عطف على الكاف في لنخرجنك ويا شعيب اعتراض بين المتعاطفين ونسبة الإخراج إليه أولاً وإلى المؤمنين ثانياً تنبيه على أصالته في الإخراج وتبعيتهم له فيه، كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿مَعَكَ﴾ فإنه متعلق بالإخراج لا بالإيمان.
والمعنى : واللَّهِ لنخرجنك واتباعك ﴿مِن قَرْيَتِنَآ﴾ بغضاً لكم ودفعاً لفتنتكم المرتبة على المساكنة والجوار.
وفيه إشارة إلى أن من شأن المتكبرين ودأب المتجبرين الاستعلاء وأن يخرج الأعز الأذل وذلك لما فيهم من بطر النعم وطغيان الاستغناء وعمه الاستبداد، ولمَّا كان حب الدنيا رأس كل خطيئة وفتنتها أعظم من كل بلية جعل الله تعالى أهلها في البلاد سبباً للهلاك والفساد كما قال الله تعالى :﴿وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ (الإسراء : ١٦) الآية.
قال الحافظ :
ايمن مشو زعشوه دنيا كه اين عجوز
مكاره مى تشيند ومحتاله مى رود
﴿أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا﴾ العود : هو الرجوع إلى الحالة الأولى ومن المعلوم أن شعيباً لم يكن على دينهم وملتهم قط ؛ لأن الأنبياء لا يجوز عليهم من الصغائر إلا ما ليس فيه تنفير فضلاً عن الكبائر فضلاً عن الكفر إلا أنه أسند العود إليه وإلى من معه من المؤمنين تغليباً لهم عليه ؛ لأن العود وإنما ذكر النفي والإجلاء بمحض القسر والإلجاء كما يفصح عنه عدم تعرضه عليه السلام لجواب الإخراج، كأنهم قالوا لا ندعكم فيما بيننا حتى تدخلوا في ملتنا وإنما لم يقولوا أو لنعيدك على طريقة ما قبله لما أن مرادهم أن يعودوا إليها بصورة الطواعية حذر الإخراج باختيار أهون الشرين لا إعادتهم بسائر وجوه الإكراه والتعذيب.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٢
وفيه إشارة إلى أن أهل الخير كما لا يميلون إلا إلى أشكالهم فكذلك أهل الشر لا يرضون ممن رأوا إلا بأن يساعدهم على ما هم عليه من أحوالهم والأوحد في بابه من باين نهج أضرابه.
همه مرغان كند باجنس رواز
كبوتر باكبوتر باز باباز