وحكي عن سلطان العارفين أبي يزيد البسطامي قدس سره أنه قال ذت يوم لأصحابه قوموا بنا حتى ننظر إلى ذلك الذي قد سهر نفسه بالولاية قال فمضينا فإذا بالرجل قد قصد المسجد فرمى بزاقه نحو القبلة فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه وقال هذا ليس بمأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكيف يكون مأموناً على ما يدعيه من مقامات الأولياء والصديقين.
وحكي عن أحمد بن حنبل رحمه الله قال : كنت يوماً مع جماعة تجردوا ودخلوا الماء فعملت بالحديث وهو :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر" ولم أتجرد فرأيت تلك الليلة قائلاً يقول لي : يا أحمد أبشر فإن الله قد غفر لك باستعمالك السنة وجعلك إماماً يقتدى بك فقلت من أنت قال جبريل عليه السلام.
وعن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر الأسود ويقول : إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك.
واتفق المشايخ على أن من ألقى زمامه في يد كلب مثلاً حتى لا يكون تردده بحكم طبعه فنفسه أقوم لقبول الرياضة ممن جعل زمامه في حكم نفسه يسترسل بها حيث شاء كالبهائم فالواجب عليك أن تكون تابعاً لا مسترسلاً.
سك أصحاب كهف روزى ند
ى مردم كرفت ومردم شد
فإذا اتبعت فاتبع سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وسلّم الذي آدم ومن دونه من الأنبياء والأولياء تحت لوائه فإذا اتبعت واحداً من أمته فلا تتبعه لمجرد كونه رجلاً مشهوراً بين الناس مقبولاً عند الأمراء والسلاطين بل كان الواجب عليك أن تعرف أولاً الحق ثم تزن الرجال به، وفيه قال باب العلم الرباني علي رضي الله عنه : من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال، بل اعرف الحق تعرف أهله وبقدر متابعتك للنبي صلى الله عليه وسلّم تستحكم مناسبتك به وتتأكد علاقة المحبة بينك وبينه وبكل
٢٥٨
ما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلّم من الصلاة عليه أو زيارة قبره أو جواب المؤذن والدعاء له عقيبه كنت مستحقاً لشفاعته قالوا لو وضع شعر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أو عصاه أو سوطه على قبر عاص لنجا ذلك العاصي ببركات تلك الذخيرة من العذاب وإن كانت في دار إنسان أو بلدة لا يصيب سكانها بلاء ببركاتها، وإن لم يشعروا بها ومن هذا القبيل ماء زمزم والكفن المبلول به وبطانة أستار الكعبة والتكفن بها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥١
قال الإمام الغزالي رحمه الله : وإذا أردت مثالاً من خارج فاعلم أن كل من أطاع سلطاناً وعظمه فإذا دخل بلدته ورأى فيها سهماً من جعبته أو سوطاً له فإنه يعظم تلك البلدة وأهلها، فالملائكة يعظمون النبي صلى الله عليه وسلّم فإذا رأوا ذخائره في دار أو بلدة أو قبر عظموا صاحبه وخففوا عنه العذاب ولذلك السبب ينفع الموتى أن توضع المصاحف على قبورهم ويتلى عليهم القرآن ويكتب القرآن على القراطيس وتوضع في أيدي الموتى كذا في "الأسرار المحمدية".
قال في الجلد الثالث من "المثنوي" :
از انس فرزند مالك آمدست
كه بمهمانىء أو شخصي شدست
او حكايت كرد كز بعد طعام
ديد انس دستار خوانرا زردفام
رك آلوده وكفت اي خادمه
اندر افكن درتنورش يكدمه
درتنور ر زآتش درفكند
آن زمان دستار خوانرا هوشمند
جمله مهما نان دران حيران شدند
انتظار دود كندورى بدند
بعد يكاسعت بر آورد ازتنور
اك واسيدو ازان اوساخ دور
قوم كفتند اى صحابيء عزيز
ون نسوزيد ومنقا كشت نيز
كفت زانكه مصطفى دست ودهان
بس بما ليد اندرين دستار خوان
اي دل ترسنده ازنار وعذاب
بانان دست ولبى كن اقتراب
ون جمادى رانين تشريف داد
جان عاشق راها خواهد كشاد
اللهم اجعل حرفتنا محبته وارزقنا شفاعته.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥١