نفس تو تامست وتازه است وقديد
دانكه روحت حاسه غيبي نديد
كه علاماتست زان ديدار نور
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٤
التجافى منك عن دار الغرور
واى آنكه عقل أو ماده بود
نفس زشتش نرو آماده بود
لا جرم مغلوب باشد عقل او
جزسوى خسران نباشد نقل او
وصف حيواني بود بر زن فزون
زانكه سوى رنك وبودارد ركون
﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ بمعنى آذن مثل توعد بمعنى أوعد، والإيذان الإعلام وبمعنى عزم لأن من عزم على الأمر وصمم نيته عليه يحدث به نفسه ويؤذنها بفعله وعزم الله تعالى على الأمر عبارة عن تقرر ذلك الأمر في علمه وتعلق إرادته بوقوعه في الوقت المقدر له، والمعنى : واذكر يا محمد لليهود وقت إيجابه تعالى على نفسه ﴿لَيَبْعَثَنَّ﴾ ألبتة ﴿عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـامَةِ﴾ متعلق بقوله : ليبعثن واللام فيه لام جواب القسم لأن قوله :﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ جار مجرى القسم كعلم الله وشهد الله من حيث دلالته على تأكد الخبر المؤذن به ﴿مَن يَسُومُهُمْ﴾ السوم (رنج بخشانيدن) كذا في "تاج المصادر" فالمعنى (كسى كه بخشاند ايشانرا) ﴿سُواءُ الْعَذَابِ﴾ (عذابي سخت) كالإذلال وضرب الجزية وغير ذلك من فنون العذاب، وقد بعث الله تعالى عليهم بعد سليمان عليه السلام بخت نصر فخرب ديارهم وقتل مقاتليهم وسبى نساءهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم وكانوا يؤدونها إلى المجوس حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلّم ففعل مافعل ثم ضرب الجزية فلا تزال مضروبة إلى آخر الدهر.
قال الحدادي : وفي هذه الآية دلالة على أن اليهود لا ترفع لهم راية عز إلى يوم القيامة ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ﴾ يعاقبهم في الدنيا
٢٦٧
﴿وَإِنَّه لَغَفُورٌ رَّحِيمُ﴾ لمن تاب وآمن منهم.
وفي الآية : إشارة إلى أن الشيطان وهو المنظر إلى يوم القيامة يبعث ليسوم الخلق سوء العذاب وهو الإبعاد من القربة والإغراء في الضلالة والإقعاد عن العبودية والإضلال عن الصراط المستقيم إن ربك لسريع العقاب يعاقبهم في الدنيا ويملي لهم ليزدادوا إثماً هذا عقوبة في الدنيا، وهي تورث العقوبة في الآخرة وإنه لغفور يغفر ذنوب من يرجع إليه ويتوب أي الأرواح والقلوب لو رجعت عن متابعة النفس وهواها وتابت إلى الله واستغفرت لغفر لها ؛ لأنه رحيم يرحم من تاب إليه، وفيه معنى آخر إنه لسريع العقاب، أي : يعاقب المؤمنين في الدنيا بأنواع البلاء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ويوفقهم إلى الصبر على ذلك ليجعله كفارة لذنوبهم حتى إذا خرجوا من الدنيا خرجوا أنقياء لا يعذبون في الآخرة، وإنه لغفور رحيم لهم في الآخرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٤
لقي يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى في وجه يحيى فقال مالي أراك لاهياً كأنك آمن فقال الآخر : مالي أراك عابساً كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الله تعالى أحبكما إليّ أحسنكما ظناً بي.
قال السعدي :
نه يوسف كه ندان بلا ديد وبند
وحكمش روان كشت وقد رش بلند
كنه عفو كرد آل يعقوب را
كه معنى بود صورت خوب را
بكردار بدشان مقيد نكرد
بضاعات مزجات شان رد نكرد
ز لطفت همي شم داريم نيز
برين بي بضاعت ببخش اي عزيز
فينبغي للعاقل أن يحسن الظن بربه، ولا يتكاسل في باب العبادة فإن السفينة لا تجري على اليبس.
وعن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال : دخلت جبانة البصرة فإذا أنا بسعدون المجنون فقلت : كيف حالك وكيف أنت؟ قال : يا مالك كيف يكون حال من أمسى وأصبح يريد سفراً بعيداً بلا أهبة ولا زاد، ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد، ثم بكى بكاء شديداً، فقلت ما يبكيك؟ قال : والله ما بكيت حرصاً على الدنيا ولا جزعاً من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمري لا يحسن فيه عمل أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدري بعد ذلك أصير إلى الجنة أم إلى النار؟ فسمعت منه كلام حكمة فقلت : إن الناس يزعمون أنك مجنون، فقال : وأنت اغتررت بما اغتر به بنو إسرائيل زعم الناس أني مجنون وما بي جنة ولكن حب مولاي قد خالط قلبي وأحشائي وجرى بين لحمي ودمي وعظامي فأنا والله من حبه هائم مشغوف، فقلت : يا سعدون فلِمَ لا تجالس الناس وتخالطهم فأنشأ يقول :
كن من الناس جانبا
وارض بالله صاحبا
قلّببِ الناس كيف شئـ
ــت تجدهم عقاربا كذا في "روض الرياحين" لليافعي.
﴿وَقَطَّعْنَـاهُمُ﴾ أي : فرقنا بني إسرائيل ﴿فِى الأرْضِ﴾ وجعلنا كل فرقة منهم في قطر من أقطارها بحيث لا تخلو ناحية منها منهم تتميماً لجزاء إدبارهم وإعراضهم عن الحق حتى لا يكون لهم شوكة بالاجتماع أبداً.
﴿أُمَمًا﴾ حال من مفعول قطعناهم أي : حال كونهم جماعات أو مفعول ثان لقطعنا باعتبار تضمنه معنى صيرنا.
﴿مِّنْهُمُ الصَّـالِحُونَ﴾ صفة لا مما وهم المتدينون بدين موسى ﴿وَمِنْهُمْ دُونَ ذَالِكَ﴾ تقديره ومنهم ناس دون ذلك
٢٦٨