بالذكر ولما جاء قوم حديثو عهد بالإسلام فسمعوا القرآن كانوا يبكون ويتأوّهون، فقال أبو بكر رضي الله عنه : هكذا كنا في بداية الإسلام ثم قست قلوبنا يشير بذلك إلى نهايته في الاطمئنان.
﴿وَإِذَا تُلِيَتْ﴾ قرئت ﴿عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُهُ﴾ أي : آيات الله يعني القرآن أمراً ونهياً وغير ذلك.
﴿زَادَتْهُمْ﴾ أي : تلك الآيات والإسناد مجازي.
﴿إِيمَـانًا﴾ أي : يقيناً وطمأنينة نفس فإن تظاهر الأدلة وتعاضد الحجج والبراهين موجب لزيادة الاطمئنان وقوة اليقين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١١
قال الفاضل التفتازاني، وتبعه المولى أبو السعود في "تفسيره" : إن نفس التصديق مما يقبل الزيادة والنقصان للفرق الظاهر بين يقين الأنبياء وأرباب المكاشفات وبين يقين الأمة ولهذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه "ولو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً" وكذا بين ما قام عليه دليل واحد من التصديقات وما قامت عليه أدلة كثيرة.
قال الكاشفي :(در حقايق سلمى مذكورست كه ببركت تلاوت نور يقين در باطن ايشان ظاهر كردد وزيادتي طاعت بر ظاهر ايشان هو يدا شود.
ودر بحر الحقايق فرموده كه ايمان حقيقي نوريست كه بقدر سعت روزنه دل دروى مى تابد س ون قرآن برارباب قلوب خوانند روزنه دل ايشان ببركت قرائت كشادة تركردد ونور ايمان بيشتر دروى افتد س درنور جمال مستغرق كردند) ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ﴾ مالكهم ومدبر أمورهم خاصة.
﴿يَتَوَكَّلُونَ﴾ يفوضون أمورهم ولا يخشون ولا يرجون إلا إياه.
قال في "التأويلات النجمية" :﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ لا على الدنيا وأهلها فإن من شاهد بنور الإيمان جمال الحق وجلاله، فقد استغرق في بحر لجي من شهود الحق بحيث لا يتفرغ لغيره ويرى الأشياء مضمحلة تحت سطوات جلاله فيكون توكلهم عليه لا على غيره :
هركه او در بحر مستغرق شود
فارغ از كشتى واز زورق شود
غرقه دريا بجز دريا نديد
غير دريا هست بروى نا ديد
ولما ذكر أولاً من الأعمال الحسنة أعمال القلوب من الخشية والوجل عند ملاحظة عظمة الله تعالى وجلاله والإخلاص والتوكل عقب بأفعال الجوارح التي هي العيار عليها كالصلاة والصدقة فقال :
﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ﴾ بوضوئها وركوعها وسجودها في مواقيتها وهو مرفوع على أنه نعت للموصول الأول ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ﴾ أعطيناهم من الأموال.
﴿يُنفِقُونَ﴾ في طاعة الله وإنما خص الله الصلاة والزكاة لعظم شأنهما وتأكيد أمرهما.
﴿أولئك﴾ الجامعون لأعمال القلب والقالب.
﴿هُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ إيماناً ﴿حَقًّا﴾ لأنهم حققوا إيمانهم بأن ضموا إليه الأعمال الصالحة ﴿لَّهُمْ دَرَجَـاتٌ﴾ كائنة ﴿عِندَ رَبِّهِمْ﴾ أي : كرامة وزلفى وعلو مرتبة وقيل درجات عالية في الجنة على قدر أعمالهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١١
قال في "أنوار المشارق" : الدرجة إن كانت بمعنى المرقاة فجمعهما درج وإن كانت بمعنى المرتبة والطبقة فجمعهما درجات.
﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ لذنوبهم ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (وروزى بزرك صافى باشد ازكدّ اكتساب وخالى ازخوف حساب) لا ينتهي ولا ينقطع كأرزاق الدنيا.
قال في "القاموس" : رزقاً كريماً كثيراً وقولاً كريماً سهلاً ليناً وأكرمه وكرمه عظمه ونزهه (امام قشيرى قدس سره فرموده كه رزق كريم آنست كه
٣١٣
مرزوق را ازشهود رازق باز ندارد).
تو زروزى ده بروزى واممان
از سبب بكذر مسبب بين عيان
از مسبب ميرسد هر خير وشر
نيست زاسباب وسائط اي در
اصل بيند ديده ون اكمل بود


الصفحة التالية
Icon