فعلى العاقل أن لا يخالف أمر الرسول وشريعته فإن الحيوان يستسلم لأمره فكيف بالإنسان.
حكي أنه جاء رجل في بعض أسفاره صلى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله إنه كان لي حائط فيه عيشي وعيش عيالي ولي فيه ناضخان والناضخ البعير الذي يستسقى عليه فمنعاني أنفسهما وحائطي وما فيه فلا نقدر أن ندنو منهما فنهض النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه حتى أتى الحائط فقال لصاحبه :"افتح" قال أمرهما عظيم قال :"افتح" فلما حرك الباب أتيا ولهما جلبة فلما انفرج الباب نظرا إلى النبي عليه السلام وبركا ثم سجدا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلّم رؤوسهما ثم دفعهما إلى صاحبهما وقال :"استعملهما وأحسن إليهما" فقال القوم تسجد لك البهائم أفلا تأذن لنا في السجود لك فقال صلى الله عليه وسلّم "إن السجود ليس إلا للحي القيوم ولو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" وكل ما أمر به النبي عليه السلام أو نهى عنه ففيه حكمة ومصلحة ولست بمأمور بالتفتيش عنها، وإنما يلزم عليك الإطاعة والانقياد فقط.
أفترضى لنفسك أن تصدق ابن البيطار فيما ذكره في العقاقير والأحجار فتبادر إلى امتثال ما أمرك به ولا تصدق سيد البشر صلى الله عليه وسلّم فيما يخبر عنه وتتواني بحكم الكسل عن الإتيان بما أمر به أو فعل وأنت تحقق أنه عليه السلام مكاشف من العالم بجميع الأسرار والحكم كما أخبر عن نفسه وقال :"فعلمت علم الأولين والآخرين" ولما أخرجك الله من صلب آدم في مقام ألست رددت إلى أسفل السافلين ثم منه دعيت لترتفع بسعيك وكسبك إلى أعلى عليين حيث ما قدر لك على حسب قابليتك ولا يمكنك ذلك إلا بأمرين : أحدهما : بمحبته صلى الله عليه وسلّم وبأن تؤثر حبه على نفسك وأهلك ومالك.
والثاني : بمتابعته صلى الله عليه وسلّم في جميع ما أمر به ونهى عنه وبذلك تستحكم مناسبتك به وبكمال متابعتك يحصل لك الارتفاع إلى أوج الكمال ومن علامات المحبة حب القرآن وحب تلاوته وإلا كان من المعرضين عن سلوك طريقته صلى الله عليه وسلّم ومن تمام محبته إيثار الفقر والزهد في الدنيا.
كين جهان جيفه است ومردار ورخيص
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٢٩
بر نين مردار ون باشم حريص
اللهم اعصمنا من المهالك واجعلنا من السالكين إلى خير المسالك.
يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} أي : أجيبوا الله ورسوله بأن تطيعوهما.
﴿إِذَا دَعَاكُمْ﴾ أي : الرسول إذ هو المباشر لدعوة الله تعالى ودعاؤه بأمر الله فهو دعاء الله تعالى ولذا وحد الفعل ﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ اللام بمعنى إلى أي الذي يحييكم وهو أنواع منها العلوم الدينية فإنها حياة القلب والجهل موته.
قال :
لا تعجبن الجهول حلته
فذاك ميت وثوبه كفن وقال :
جاهلي كان بعلم زنده نشت
ميتش دان ومسكنش مدفن
از جنازه نشان جمازه او
جامهاى تنش بجاي كفن
وفي الخبر : إن الله تعالى ليحيي القلب الميت بالعلم كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر والعلوم الدينية الشرعية هي التفسير والحديث والأصول والفقه والفرائض.
علم دين فقهست وتفسير وحديث
هركه خواند غيرازين كردد خبيث ومنها العقائد، والأعمال فإنها تورث الحياة الأبدية في النعيم الدائم.
ومنها الجهاد فإنه سبب البقاء إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم كما في قوله تعالى :﴿وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَواةٌ﴾ (البقرة : ١٧٩).
ومنها الشهادة فإن الشهداء أحياء عند ربهم سواء كانوا مقتولين بسيف الكفار أو بسيف الرياضات الشاقة والمجاهدات القوية.
دانه مردن مراشيرين شداست
بل هم أحياء ي من آمده استاقتلوني يا ثقاتي لائما
إن في قتلي حياتي دائما
فالموت هو الفناء عن الكل والحياة هو البقاء بنور الله تعالى.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ قال في "القاموس" : كل ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما وهو تمثيل لغاية قربه من العبد وهو أقرب إلى قلبه منه لأن ما حال بينك وبين الشيء فهو أقرب إلى الشيء منك وتنبيه على أنه مطلع من مكنونات القلوب على ما عسى يغفل عنه صاحبها.


الصفحة التالية
Icon