إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ﴿وَقَـاتِلُوهُمْ﴾ (وكار زا كنيداى مؤمنان بأهل كفر) ﴿حَتَّى﴾ إلى أن ﴿لا تَكُونَ﴾ توجد منهم ﴿فِتْنَةٌ﴾ أي شرك يعني (مشرك نماندا زوثنى وأهل كتاب) ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ﴾ وتضمحل الأديان الباطلة إما بإهلاك أهلها جميعاً أو برجوعهم عنها خشية القتل ﴿فَإِنِ انتَهَوْا﴾ عن الكفر ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم.
﴿وَإِن تَوَلَّوْا﴾ أي أعرضوا عن قبول الحق.
﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَـاـاكُمْ﴾ ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى﴾ لا يضيع من تولاه ﴿وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ لا يغلب من نصره.
وفي الآية :
٣٤٥
حث على الجهاد، وفي الحديث :"موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود" وعن معاذ بن جبل قال عهد إلينا رسول الله في خمس من فعل واحدة منهن كان ضامناً على الله تعالى :"من عاد مريضاً، أو خرج مع جنازة، أو خرج غازياً في سبيل الله، أو دخل على إمام يريد بذلك تعزيره وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم وسلم الناس منه" وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "من خرج حاجّاً فمات كتب الله له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب الله له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازياً فمات كتب الله له أجر الغازي إلى يوم القيامة" فعلى العاقل أن يجتهد في إحياء الدين بما أمكن له من الأسباب ويتوقع النصرة الموعودة من رب الأرباب ولا يلتفت إلى مخلوق مثله فإنهما سيان في باب العجز خصوصاً إذا كان استمداده من الفسقة كما يفعل ولاة الزمان فإنه لا يجيء خير لأهل الخير من أهل الشر والعدوان ونعم ما قيل :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٥
دركار دين زمردم بى دين مدد مخواه
ازماه منخسف مطلب نور صبحكاه
ثم إن حقيقة النصرة أن ينصرك الله تعالى على نفسك التي هي أعدى عدوك بقهر هواها وقمع مشتهاها فإن انفتاح باب الملك في الأنفس سبب وطريق لانفتاح باب الملك في الآفاق وكذا الملكوت :
دوستى نفس را بكذار وبكذار ازهوس
همو مردان طالب حق باش بى جوياى نفس
والإشارة :﴿وَقَـاتِلُوهُمْ﴾ في الهداية وناصركم على قهر النفوس وقمع الهوى ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى﴾.
وفي "شرح الحكم العطائية" : نسأل الله سبحانه أن يمدنا بما أمد به أخياره ويفيض علينا من سجال فيضه أنواره.
٣٤٦
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٥
﴿وَاعْلَمُوا﴾ أيها المؤمنون ﴿إِنَّمَا﴾ حق ما هذه أن تكتب منفصلة عن أن لكونها موصولة، كما في قوله تعالى :﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لاتٍ﴾ أخذتموه وأصبتموه من الكفر قهراً وغلبة، والغنم : الفوز بالشيء وأصل الغنيمة إصابة الغنم من العدو ثم اتسع وأطلق على كل ما أصيب منهم كائناً ما كان، قالوا إذا دخل الواحد والاثنان دار الحرب مغيرين بغير إذن الإمام فأخذوا شيئاً لم يخمس ؛ لأن الغنيمة هو المأخوذ قهراً وغلبة لا اختلاساً وسرقة هذا عند أبي حنيفة ويخمس عند الشافعي.
﴿مِّن شَىْءٍ﴾ حال من عائد الموصول أي ما غنمتموه كائناً مما وقع عليه اسم الشيء حتى الخيط والمخيط خلا أن سلب المقتول للقاتل إذا نفله الإمام وأن الأسارى يخير فيها الإمام وكذا الأراضي المغنومة.
والآية نزلت ببدر.
وقال الواقدي : كان الخمس في غزوة بني قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من الهجرة.
مبتدأ خبره محذوف أي حكمه ثابت فيما شرعه الله وبينه لعباده أن خمسهأو خبر مبتدأ محذوف، أي : فالحكم أنخمسه والخمس بالفارسية (نج يك).
﴿وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى﴾ أعاد اللام في لذي القربى دون غيرهم من الأصناف الثلاثة لدفع توهم اشتراكهم في سهم النبي صلى الله عليه وسلّم لمزيد اتصالهم به عليه الصلاة والسلام وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٧


الصفحة التالية
Icon