واعلم : أنه عليه السلام : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان لعبد مناف أربعة بنين : هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل، وكان لهاشم ولدان عبد المطلب وأسد، وكان لعبد المطلب عشرة بنين منهم : عبد الله وأبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب والحارث وزبير، فكلهم وما يتفرع منهم هاشميون لكونهم من أولاد هاشم وعبد مناف هو ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكل من كان من ولد النضر فهو قرشي دون ولد كنانة ومن فوقه فقريش قبيلة أبوهم النضر وإنما خص ذوو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ببني هاشم وبني المطلب ؛ لأنهم لم يفارقوه عليه السلام في جاهلية ولا في إسلام فكانت قرابتم قرابة كاملة، وهي القرابة نسباً وتواصلاً في حال العسر واليسر فأعطوا الخمس، وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل فمع مساواتهما بني المطلب في القرب حرموا الخمس، لأن قرابة نوفل بالتواصل والتناصر لم تنضم إلى قرابتهم النسبية.
﴿وَالْيَتَـامَى﴾ جمع يتيم وهو الصغير المسلم الذي مات أبوه يصرف إليه سهم من الخمس إذا كان فقيراً ﴿وَالْمَسَـاكِينِ﴾ جمع مسكين وهو الذي أسكنه الضعف عن النهوض لحاجته، أي : أهل الفاقة والحاجة من المسلمين.
﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ أي : المسافر
٣٤٧
البعيد عن ماله.
قال الكاشفي :(ومسافران مسلمانان يا قومي كه بر مسلمانان نزول كنند).
واعلم : أن اللام في الآية لام الاستحقاق لخمس الغنيمة، فاقتضى الظاهر أن تكون المصارف ستة أقسام، لكن الجمهور على أن ذكر الله تعالى للتعظيم وافتتاح الكلام باسمه تعالى على طريق التبرك، لا لأننصيباً من الخمس فإن الدنيا والآخرة كلها له سبحانه فلا يسدس خمس الغنيمة بأن يصرف سهم منها إلى الله تعالى بصرفه إلى عمارة الكعبة إن كانت قريبة وإلا فإلى مسجد كل بلدة ثبت فيها الخمس، كما ذهب إليه البعض أو بضمه إلى سهم الرسول كما ذهب إليه الآخر وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم سقط بوفاته، لأن الأنبياء لا يورثون.
قال ابن الشيخ لأنه عليه السلام لم يخلفه أحد في الرسالة فلا يخلفه في سهمه هذا عند الإمام الأعظم، وأما الشافعي فيصرف سهمه عليه السلام، إلى مصالح المسلمين وما فيه قوة الإسلام وكذا سقط سهم ذوي القربى بوفاته عليه السلام فلا يعطى لهم لأجل قرابتهم، بل يعطى لفقرهم، وكان عليه السلام يعطيهم غنيهم وفقيرهم لقرابتهم لا لفقرهم حتى كان يعطي العباس بن عبد المطلب مع كثرة ماله.
والحاصل : أن ذوي القربى أسوة لسائر الفقراء أي يدخلون فيهم ويقدمون على غيرهم ولا يعطى أغنياؤهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٧
وفي شرح الآثار : عن أبي حنيفة إن الصدقات كلها، أي : فرضها ونفلها جائزة على بني هاشم والحرمة كانت في عهد النبي عليه السلام لوصول خمس الخمس إليهم فلما سقط ذلك بموته حلت لهم الصدقة.
قال الطحاوي : وبالجواز نأخذ ولما سقط السهمان وهما سهم الرسول وسهم ذوي القربى فخمس الغنيمة اليوم يجعل ثلاثة أقسام، ويصرف إلى ثلاثة أصناف اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، وتقسم الأخماس الأربعة بين الغانمين للفارس سهمان وللراجل سهم.
وفي "حياة الحيوان" إن الفيل يقاتل به وراكبه يرضخ له أكثر من راكب البغل.
وفي "التحفة" : هذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق حتى لو صرفت إلى صنف واحد منهم جاز ﴿إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللَّهِ﴾ متعلق بمحذوف دل عليه واعلموا، أي : إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنه جعل الخمس لهؤلاء فسلموه إليهم واقطعوا أطماعكم منه واقتنعوا بالأخماس الأربعة الباقية ووجه دلالته عليه أنه تعالى إنما أمر بالعلم بهذا الحكم ليعمل به لأن العلم بمثل هذا المعلوم ليس مما يقصد لنفسه بل إنما يقصد للعمل به.
﴿وَمَآ أَنزَلْنَا﴾ أي : وبما أنزلناه.
﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾ محمد صلى الله عليه وسلّم من الآيات والنصر على أن المراد بالإنزال مجرد الإيصال والتيسير فينتظم الكل انتظاماً حقيقياً.
﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ ظرف لأنزلنا، أي : يوم بدر فإنه فرق فيه بين الحق والباطل بنصر المؤمنين وكبت الكافرين.
﴿يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ أي : المسلمون والكفار، وهو بدل من الظرف الأول (وآن روز جمعه بود هفد هم رمضان درسنه ثانيه از هجرت)، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلّم لقتال المشركين لإعلاء الحق والدين.
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ فيقدر على نصر القليل على الكثير والذليل على العزيز كما فعل بكم ذلك اليوم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٧
﴿إِذْ أَنتُم﴾ نازلون ﴿بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا﴾ أي : شفير الوادي الأدنى من المدينة وهو بدل ثان من يوم الفرقان.
﴿وَهُم﴾ أي : وعدوكم نازلون.
﴿بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى﴾ أي : في جانبها الأبعد منها وهو الجانب الذي يلي مكة، والعدوة : شط الوادي أي جانبه وشفيره،
٣٤٨


الصفحة التالية
Icon