قوله تعالى :﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ (الأنبياء : ٩٨) قام أبو جهل بن هشام : وكان يكنى في الجاهلية بأبي الحكم لأنهم يزعمون أنه عالم ذو حكمة ثم كناه النبي عليه السلام بأبي جهل وغلبت عليه كنيته، وكان خال عمر ؛ لأن أم عمر أخت أبي جهل لأن أم عمر بنت هشام بن المغيرة والد أبي جهل فأبو جهل خال عمر أو لأن أم عمر بنت عم أبي جهل وعصبة الأم أخوال الابن، فلما قام خطب فقال : يا معشر قريش إن محمداً قد شتم آلهتكم وسفه أحلامكم وزعم أنكم وآباءكم وآلهتكم في النار ؛ فهل من رجل يقتل محمداً وله عليّ مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من فضة، فقام عمر بن الخطاب : وقال أتضمن ذلك يا أبا الحكم؟ فقال : نعم يا عمر فأخذ عمر بيد أبي جهل ودخلا الكعبة وكان عندها صنم عظيم يسمونه هبل فتحالفا عنده وأشهدا على أنفسهما هبل، فإنهم كانوا إذا أرادوا أمراً من سفر أو حرب أو سلم أو نكاح لم يفعلوا شيئاً حتى يستأمروا هبل ويشهدوه عليه، وتلك الأصنام التي كانت حوله كانت ألف صنم وخمسمائة صنم ثم خرج عمر متقلداً سيفه منتكباً كنانته، أي : واضعاً له في منكبه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان النبي عليه السلام مختفياً مع المؤمنين في دار الأرقم رضي الله عنه تحت الصفا يعبدون الله تعالى فيها ويقرؤون القرآن، فلما أتى إلى البيت الذي هم فيه قرع الباب فنظر إليه رجل من خلال الباب فرآه متوشحاً سيفه فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو فزع فقال يا رسول الله : هذا عمر بن الخطاب متوشحاً سيفه ولم يرد إلا سفك الدم وهتك العرض، فقال حمزة : فائذن له فإن جاء يريد خيراً بذلنا له، وإن جاء يريد شراً قتلناه بسيفه فأذن له في الدخول فلما رآه النبي عليه السلام قال :"ما أنت منتهي يا عمر حتى ينزل الله بك قارعة" ثم أخذ بساعده أو بمجامع ثوبه وحمائل سيفه وانتهره فارتعد عمر هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وجلس، فقال : اعرض عليّ الإسلام الذي تدعو إليه فقال النبي عليه السلام :"تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله" فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة وضرب النبي عليه السلام صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول :"اللهم أخرج ما في صدر عمر من غلّ وأبدله إيماناً" ونزل جبرائيل عليه السلام فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر ولما أسلم قال المشركون لقد انتصف القوم منا، وقيل له رضي الله عنه ما تسمية النبي عليه السلام لك بالفاروق قال لما أسلمت والنبي عليه السلام وأصحابه مختفون قلت يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا قال :"بلى" فقلت ففيم الاختفاء والذي بعثك بالحق ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإسلام غير هائب ولا خائف والله لا نعبد الله سراً بعد اليوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومعه المسلمون وعمر رضي الله عنه أمامهم معه سيف ينادي لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى دخل المسجد ثم صاح مسمعاً لقريش كل من تحرك منكم لأمكنن سيفي منه ثم تقدم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يطوف والمسلمون ثم صلوا حول الكعبة وقرؤوا القرآن جهراً وكانوا قبل ذلك لا يقدرون على الصلاة عند الكعبة ولا يجهرون بالقرآن فسماه النبي عليه السلام الفاروق
٣٦٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٨
لأنه فرق الله به الحق والباطل.
وجاء بسند حسن "إن أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب" وكان عمر شديداً من حيث مظهريته للاسم الحق وجاء "ما ترك الحق لعمر من صديق".
لما لزمت النصح والتحقيقا
لم يتركا لي في الوجود صديقاً
قال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة كان لنا جار طحان رافضيّ ملعون وكان له بغلان سمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر فرمحه ذات ليلة أحد البغلين فقتله فأخبر جدي أبو حنيفة فقال : انظروا فإني أخال أن البغل الذي اسمه عمر هو الذي رمحه فنظروا فكان كما قال.