قال الكاشفي :(بسته كردانيد برايشان راها تا منتشر نشوند در بلاد وقرى).
﴿فَإِن تَابُوا﴾ عن الشرك بالإيمان حسبما اضطروا بما ذكر من القتل والأسر والحصر.
﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَواةَ﴾ تصديقاً لتوبتهم وإيمانهم واكتفى بذكرهما عن بقية العبادات لكونهما رئيسي العبادات البدنية والمالية.
﴿فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ فدعوهم وشأنهم لا تتعرضوا لهم بشيء مما ذكر.
قال القاضي في تفسيره : فيه دليل على أن تاركي الصلاة ومانعي الزكاة لا يخلى سبيلهم انتهى.
وعن أبي حنيفة رحمه الله : أن من ترك الصلاة ثلاثة أيام فقد استحق القتل.
قال الفقهاء : الكافر إذا أكره على الإسلام فأجرى كلمة الإسلام على لسانه يكون مسلماً، فإذا عاد إلى الكفر لا يقتل ويجبر على الإسلام كما في "هدية المهديين" للمولى أخي لبي.
وفيه أيضاً : كافر لم يقر بالإسلام إلا أنه إذا صلى مع المسلمين بجماعة يحكم بإسلامه وبلا جماعة لا وإن صام أو حج أو أدى الزكاة لا يحكم بإسلامه في ظاهر الرواية وفي أخرى إنه إن حج على وجه الذي
٣٨٧
يفعله المسلمون في الإتيان بجميع الأحكام والتلبية وشهود كل المناسك يصير مسلماً.
﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ تعليل للأمر بتخلية السبيل أي فخلوهم فإن الله يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر لأن الإيمان يجب ما قبله أي يقطعه كالحج ويثيبهم بإيمانهم وطاعتهم.
واعلم أن الله تعالى أمر في هذه الآية بالجهاد وهو أربعة أنواع : جهاد الأولياء بالقلب بتحليته بالأخلاق الحميدة.
وجهاد الزهاد بالنفس بتزكيتها عن الأوصاف الرذيلة، وجهاد العلماء : بإظهار الحق خصوصاً عند سلطان جائر وإمام ظالم، وجهاد الغزاة : ببذل الروح.
بهر روز مرك اين دم مرده باش
تاشوى باعشق سر مد خواجه تاش
كشته ومرده به يشت أي قمر
به كه شاه زند كان جاى دكر فالقتل إما قتل النفوس المشركة بالسيف الظاهر وإما قتل النفوس العاصية بالسيف الباطن وقتلها في نهيها عن هواها ومنعها عن مشتهاها واستعمالها على خلاف طبعها وضد طبيعتها.
قيل : يا بنيّ اعصصِ هواك والنساء واصنع ما شئت، وقوله تعالى :﴿حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ ورجعوا إلى الله، أي : رجعت النفوس عن هواها إلى طلب الحق تعالى :﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ﴾ وداومت على العبودية والتوجه إلى الحق.
﴿وَءَاتَوُا الزَّكَواةَ﴾ أي : تزكت عن أوصافها الذميمة.
﴿فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ عن مقاساة الشدائد بالرياضات والمجاهدات ليعملوا بالشريعة بعد الوصول إلى الحقيقة فإن النهاية هي الرجوع إلى البداية كما في "التأويلات النجمية".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٧
يقول الفقير : ظهر من هذا أن السالك وإن بلغ إلى غاية المراتب، ونهاية المطالب فهو متقيد في إطلاقه بمرتبة الشريعة والعمل بأحكامها بحيث لو انخلع عن الأحكام والآداب كان ملحداً سيء الأدب مطروداً عن الباب مهجوراً عن حريم قرب رب الأرباب، فالشريعة الشريفة محك لكل سالك مبتدىء ولكل واصل منتهى يظهر بها صدق الطلب وخدمة الشكر.
وفي الكتب الكلامية : ولا يصل العبد ما دام عاقلاً بالغاً إلى حيث يسقط الأمر والنهي لعموم الخطابات الواردة في التكاليف وإجماع المجتهدين على ذلك اللهم اجعلنا من المتقيدين بوثاق عبوديتك والمراعين لحقوق ربوبيتك.
﴿وَإِنْ أَحَدٌ﴾ رفع بفعل يفسره ما بعده لا بالابتداء لأن إن من عوامل الفعل.
﴿مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الذين أمرتك بقتلهم.
﴿اسْتَجَارَكَ﴾ أي : طلب منك الأمان والجوار بعد انسلاخ الأشهر الحرم.
﴿فَأَجِرْهُ﴾ فآمنه ولا تسارع إلى قتله.
﴿حَتَّى يَسْمَعَ﴾ أي : إلى أن يسمع أو ليسمع.
﴿كَلَـامَ اللَّهِ﴾ أي : القرآن فيما له وما عليه من الثواب والعقاب.
استدل الأشعري بهذه الآية إلى أنه يجوز أن يسمع
٣٨٨
الكلام القديم الذي هو صفة الله تعالى ومنعه الشيخ أبو منصور.
فمعنى حتى يسمع كلام الله يسمع ما يدل عليه كما يقال سمعت علم فلان فإن حقيقة العلم لا تسمع بل سمعت خبراً دالاً على علمه وكما يقال انظر إلى قدرته تعالى أي إلى ما يدل على قدرته تعالى والتفصيل في كتب الكلام.
﴿ثُمَّ أَبْلِغْهُ﴾ بعد استماعه له إن لم يؤمن ﴿مَأْمَنَهُ﴾ أي : مسكنه الذي يأمن فيه وهو دار قومه (وبعد ازان باو مقاتله نماى).
﴿ذَالِكَ﴾ يعني : الأمر بالإجارة وإبلاغ المأمن.
﴿بِأَنَّهُمْ﴾ أي : بسبب أنهم ﴿قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾ ما الإسلام وما حقيقته أو قوم جهلة فلا بد من إعطاء الأمان حتى يفهموا الحق ولا يبقى لهم معذرة أصلاً.
ومن ههنا قال الفقهاء : حربي أسلم في دار الحرب ولا يعلم بالشرائع من الصوم والصلاة ونحوهما ثم دخل دار الإسلام لم يكن عليه قضاؤها ولا يعاقب عليه إذا مات، ولو أسلم في دار الإسلام ولم يعلم بالشرائع يلزمه القضاء.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٧