وفي الآية الكريمة : وعيد شديد لا يتخلص منه إلا أقل قليل فإنك لو تتبعت إخوان زماننا من الزهاد الورعين لوجدتهم يتحيرون ويتحزنون بفوات أحقر شيء من الأمور الدنيوية ولا يبالون بفوات أجلّ حظ
٤٠٣
من الحظوظ الدينية فإن محصول الآية إن من أثر هذه المشتهيات الدنيوية على طاعة الرحمن فليستعد لنزول عقوبة آجلة وعاجلة ولينظر أن ما آثره من الحظوظ العاجلة هل يخلص من الأهوال والدواهي النازلة اللهم عفوك وغفرانك يا أرحم الراحمين.
قال الكاشفي :(اي عزيز مردى بايدكه إبراهيم وار روى ازكون بكرداند ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى إِلا رَبَّ الْعَـالَمِينَ﴾ مال رابذل مهمان.
وفرزندرا قصد قربان وخودرا فداى آتش سوزان كند تادرو دعوى دوستى صادق باشد)
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٢
آنكس كه تراشنا خت جانرا ه كند
فرزند وعيال وخانما نراه كند
ديوانه كنى هر دو جهانش بخشى
ديوانه توهر دوجها نراه كند
(آورده نماندكه حضرت صلى الله عليه وسلّم فرموده است كه) "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين".
قال ابن ملك المراد به نفي كمال الإيمان وبالحب الحب الاختياري مثلاً لو أمر رسول الله مؤمناً بأن يقاتل الكافر حتى يكون شهيداً أو أمر بقتل أبويه وأولاده الكافرين لأحب أن يختار ذلك لعلمه أن السلامة في امتثال أمره عليه السلام وأن لا يخير كما أن المريض ينفر بطبعه عن الدواء ولكن يميل إليه ويفعله لظنه صلاحه فيه كيف ونبينا عليه السلام أعطف علينا منا ومن آبائنا وأولادنا لأنه عليه السلام يسعى لنا لا لغرض.
قال القاضي ومن محبته عليه السلام نصرة سنته والذب أي المنع والدفع عن شريعته (ازحضرت شيخ الإسلام قدس سره منقولست كه أحمد بن يحيى دمشقي روزي يش مادر ودر نشسته بود قصه قربان كردن حضرت إسماعيل ازقرآن بريشان ميخواند كفتند اي أحمد ازيش ما برخيز وبروكه ما ترادركار بيست وهار موقف ايستاده بود قصد زيارت والدين كردون بدمشق آمد وبدر سراى خود رسيد حلقه دربجنبانيد ما درش آوازدادكه من على الباب جواب دادكه أنا أحمد ابنك ما درش كفت يش ازين مارا فرزندى بود اورا دركار خدا كرديم احمد ومحمود درا باماه كار.
ما هره داشتبم فداى توكرده ايم
جانرا اسيربند هواى توكرده ايم
ما كرده ايم ترك خود وهردوكون نيز
وينهاكه كردا ايم براى تو كرده ايم
وهذا لما أن المهاجرين كانوا يكرهون الموت في بلدة هاجروا منها وتركوهاتعالى لئلا ينقص ثواب الهجرة إذ في العود نقض العمل إلا أن يكون لضرورة دون اختيار.
قال في "التأويلات" أصل الدين هو محبة الله تعالى وإن صرف استعداد محبة الله في هذه الأشياء المذكورة فيه فسق وهو الخروج من محبة الخالق إلى محبة المخلوق وإن من آثر محبة المخلوق على محبة الخالق فقد أبطل الاستعداد الفطري لقبول الفيض الإلهي واستوجب الحرمان وأدركه القهر والخذلان.
﴿فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ أي : بقهره ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَـاسِقِينَ﴾ الخارجين عن حسن الاستعداد يعني لا يهديهم إلى حضرة جلاله وقبول فيض جماله بعد إبطال حسن الاستعداد.
وعن بشر بن الحارث رضي الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم في المنام فقال لي يا بشر أتدري لِمَ رفعك الله تعالى على أقرانك؟ قلت : لا يا رسول الله قال باتباعك لسنتي وخدمتك الصالحين ونصحك لإخوانك ومحبتك لأصحابي وأهل بيتي هو الذي بلغك منازل الأبرار.
٤٠٤
أقول : المحبة الخالصة باب عظيم لا يفتح إلا لأهل القلب السليم وتأثيرها غريب وأمرها عجيب، نسأل الله تعالى سبحانه أن يجعلنا من الذين آثروا حب الله وحب رسوله على حب ما سواهما آمين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٢