قال ابن الكمال : جمادى الأولى والآخرة، فعالى كحبارى والدال مهملة والعوام يستعملونها بالمعجمة المكسورة ويصفونها بالأول فيكون فيها ثلاث تحريفات قلب المهملة معجمة والفتحة كسرة والتأنيث تذكيراً، وكذا جمادى الآخرة يقولون جمادى الآخر بلا تاء والصحيح الآخرة بالتاء أو الأخرى وهما معرفتان من أسماء الشهور فإدخال اللام في وصفهما صحيح.
وكذا ربيع الأول وربيع الآخر في الشهور وأما ربيع الأزمنة فالربيع الأول باللام انتهى.
وأما رجب : فسمي بذلك لأن العرب في الجاهلية كانوا يعظمونه ويتركون فيه القتال والمحاربة يقال رجبته بالكسر أي : عظمته والترجيب التعظيم وكانوا يسمونه رجب مضر وهو اسم قبيلة لكونه أشد تعظيماً له من بقية العرب ولذلك قال عليه السلام فيه :"رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" وإنما وصف رجب بقوله : الذي للتأكيد أو لبيان أن رجب الحرام هو الذي بينهما إلا ما كانوا يسمونه رجب على حساب النسيء أو يسمون رجب وشعبان رجبين فيغلبون رجب عليه وربما يقال شعبانان تغليباً له على رجب.
وأما شعبان : فسمي بذلك
٤٢١
لأنهم كانوا يتفرقون ويتشعبون من التشعيب وهو التفريق.
وأما رمضان : فسمي بذلك لشدة الحر الذي كان يكون فيه حتى ترمض الفصال كما قيل للشهر الذي يحج فيه ذو الحجة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٧
قال في "شرح التقويم" : الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره وسبب تسمية هذا الشهر بهذا الاسم أن العرب كانت تسمي الشهور بلوازم الأزمنة التي كانت الشهور واقعة فيها وكانت اللوازم وقت التسمية ههنا رمض الحر أي شدته انتهى.
وقيل سمي رمضان لأنه ترمض فيه الذنوب رمضاً أي تغفر.
وكان مجاهد يكره أن يقول رمضان ويقول لعله اسم من أسماء الله فالوجه أن يقال شهر رمضان لما روي "لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان ولكن قولوا جاء شهر رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى" على ما في "التيسير".
قال في "التلويح" : العلم هو شهر رمضان بالإضافة ورمضان محمول على الحذف للتخفيف ذكره في "الكشاف" وذلك لأنه لو كان رمضان علماً لكان شهر رمضان بمنزلة إنسان زيد ولا يخفى قبحه ولهذا أكثر في كلام العرب شهر رمضان ولم يسمع شهر رجب وشهر شعبان على الإضافة انتهى.
قال المولى حسن لبى : قد يمنع القبح بأن الإضافة البيانية شائعة عرفاً فلا مجال لاستقباحها بعد أن تكون مطردة انتهى.
وأما شوال : فسمي بذلك لأنه يشول الذنوب أي يرفعها ويذهبها لأنه من شال يشول إذا رفع الشيء ومن ذلك قولهم شالت الناقة بذنبها أي رفعته إذا طلبت الضراب كذا في "التبيان".
وقال في "شرح التقويم" : هو من الشول وهو الخفة من الحرارة في العمل والخدمة وإنما سمي بذلك لخروج الإنسان فيه عن مخالفة النفس الأمارة وقمع شهواتها اللذين كانا في الإنسان في رمضان بإطلاق طوع المستلذات والمشتهيات فعند خروجه عن ذلك كان يجد خفة في نفسه ويستريح.
وأما ذو القعدة : فسمي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه لكثرة الخصب فيه أو يقعدون عن القتال.
قال في "شرح" : إنما سمي هذا الشهر بهذا الاسم لأنه زمان يحصل فيه قعود مكة.
والقعدة بفتح القاف وسكون العين المهملة.
قال ابن ملك : قولهم (ذو القعدة وذو الحجة) يجوز فيهما فتح القاف والحاء وكسرهما لكن المشهور في القعدة الفتح وفي الحجة الكسر.
وأما ذو الحجة فسمي بذلك لأنهم كانوا يحجون فيه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٧
وقال في كتاب "عقد الدرر واللآلى في فضائل الأيام والشهور والليالي" تكلم بعض أهل العلم على معاني أسماء الشهور، فقال : كانت العرب إذا رأوا السادات تركوا العادات وحرموا الغارات قالوا المحرم، وإذا مرضت أبدانهم وضعفت أركانهم واصفرت ألوانهم قالوا صفر، وإذا نبتت الرياحين واخضرت البساتين قالوا ربيعين، وإذا قلت الثمار وبرد الهواء وانجمد الماء قالوا جماديين، وإذا ماجت البحار وجرت الأنهار ورجبت الأشجار قالوا رجب، وإذا تشعبت القبائل وانقطعت الوسائل قالوا شعبان، وإذا حر الفضاء ورمضت الرمضاء قالوا رمضان، وإذا ارتفع التراب وكثر الذباب وشالت الإبل الأذناب قالوا شوال، وإذا رأوا التجار قعدوا من الأسفار والمماليك والأحرار قالوا : ذو القعدة، وإذا قصدوا الحج من كل فج ووج وكثر العج والثج قالوا ذو الحجة.
انتهى ﴿مِنْهَآ﴾ أي : من تلك الشهور الاثني عشر.
﴿أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ واحد فرد وهو رجب وثلاثة سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
والحرم : بضمتين جمع الحرام، أي : أربعة أشهر حرم
٤٢٢