﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ﴾ (نيست برناتوانان وعاجزان) كالهرمى والزمنى جمع هرم بكسر الراء وهو كبير السن وجمع زمن وهو المقعد ﴿وَلا عَلَى الْمَرْضَى﴾ (ونه بربيماران ومعلول) جمع مريض ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ﴾ لفقرهم كمزينة وجهينة وبني عذرة ﴿حَرَجٌ﴾ إثم في التخلف والتأخر عن الغزو ثم إنه تعالى شرط في انتفاء الحرج عنهم شرطاً معيناً فقال ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال أبو البقاء العامل فيه معنى الكلام أي لا يخرجون حينئذٍ.
والنصح إخلاص العمل من الغش يقال نصح الشيء إذا خلص ونصح له في القول إذا كلمه بما هو خير محض له والناصح الخالص وفي الحديث :"الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة" ذكرها ثلاث مرات قيل : هذا الكلام مدار الإسلام لأن النصيحة هي إرادة الخير معناه عماد الدين النصيحة كما يقال الحج عرفة أي عماده "قالوا لمن يا رسول الله قال " معنى نصيحته تعالى الإيمان به وإخلاص العمل فيما أمر به "ولرسوله" نصيحته تصديقه بكل ما علم مجيئه به وإحياء طريقه "ولكتابه" نصيحته الاعتقاد بأنه كلام الله والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه وفي الحقيقة هذه النصائح راجعة إلى العبد "ولأئمة المسلمين" نصيحتهم إطاعتهم في المعروف وتنبيههم عندا لغفلة "وعامتهم" نصيحة عامة المسلمين دفع المضار عنهم وجلب المنافع إليهم بقدر الوسع كذا في "شرح المشارق" لابن ملك.
فمعنى الآية أن المتخلفين من أصحاب الأعذار لا إثم عليهم في تخلفهم إذا أخلصوا الإيمانولرسوله وامتثلوا أمرهما في جميع الأمور ومعظمها أن لا يفشوا ما سمعوه من الأراجيف في حق الغزاة وأن لا يثيروا الفتن وأن يسعوا في إيصال الخير إلى المجاهدين ويقوموا بإصلاح مهمات بيوتهم ويسعوا في إيصال الأخبار السارة من بيوتهم إليهم.
﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ استئناف مقرر لمضمون ما سبق، أي ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل ومن زائدة لعموم النفي ووضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على انتظامهم بنصحهمورسوله في سلك المحسنين، وقد اشتهر أن تعليق الحكم على الوصف
٤٨٤
المناسب يشعر بعلية الوصف له.
﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ يشير إلى أن بهم حاجة إلى المغفرة وإن كان تخلفهم بعذر فإن الإنسان محل التقصير والعجز فلا يسعه إلا العفو.
وفي "المثنوي" :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨١
شمس هم معده زمين را كرم كرد
تا زمين باقي حدثها را بخورد
جزؤخاكى كشت ورست ازوى نبات
هكذا يمحو إلا له السيئات
اي كه من زشت وخصا لم نيز زشت
ون شوم كل ون مرا او خاركشت
نوبهارا حسن كل ده خاررا
زينت طاوس ده آن ماررا
﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ﴾ عطف على المحسنين أي ليس شيء ثابتاً على المحسنين ولا على الذين إذا ما أتوك (ون بيامدند بسوى تو ودرخواست كردند ﴿لِتَحْمِلَهُمْ﴾ تا يشانرا دستوري دهى ويا خود بحرب برى) وهم البكاؤون سبعة من الأنصار : معقل بن يسار، وصخر بن الخنساء، وعبد الله بن كعب، وسالم بن عميرة، وثعلبة بن غنمة، وعبد الله بن مغفل، وعلية بن زيد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالوا نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة فنغزو معك فقال عليه السلام :"لا أجد" فتولوا وهم يبكون وقيل هم بنو مقرن كمحدث وكانوا سبعة إخوة كلهم صحبوا النبي عليه السلام وليس في الصحابة سبعة إخوة غيرهم كذا في "تفسير القرطبي" ﴿قُلْتَ لا أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ حال من الكاف في أتوك بإضمار قد، أي : إذا ما أتوك قائلاً لا أجد وما عامة لما سألوه عليه السلام وغيره مما يحمل عليه عادة من النفقة والظهر وفي إيثار لا أجد على ليس عندي من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفى كأنه عليه السلام يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده.
﴿تَوَلَّوْا﴾ جواب إذا (كشتند از يش تو) ﴿وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ﴾ أي : تسيل بشدة ﴿مِنَ الدَّمْعِ﴾ (از اشك يعني اشك از ديدهاى ايشان ميريخت) وإسناد الفيض إلى العين مجازي كسال الميزاب والأصل يفيض دمعها عدل إلى هذه الصور للدلالة على المبالغة في فيضان الدمع كأن العين كلها دمع فياض.
﴿حَزَنًا﴾ نصب على العلية والعامل تفيض لا يقال فاعل الفيض مغاير لفاعل الحزن فكيف نصب لأنا نقول إن الحزن يجوز إسناده إلى العين مجازاً فيقال عين حزينة وعين مسرورة ﴿أَلا يَجِدُوا﴾ أن مصدرية بتقدير لام متعلقة بحزناً، أي : لئلا يجدوا ﴿مَا يُنفِقُونَ﴾ في شراء ما يحتاجون إليه إذ لم يجدوه عندك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨١
قال الكاشفي :(عمر وعباس وعثمان رضي الله عنهم ايشانرا زاد وتوشه ومركب داده همراه بردند س حق تعالى ميفرما يدكه بدين نوع مردم اكر تخلف كنند حرجى وعنابى نيست).
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٨١


الصفحة التالية
Icon