ثم نرجع ونقول إن بني عمرو بن عوف لما بنوا ذلك المسجد حسدتهم إخوتهم بنو غنم بن عوف، وقالوا أنصلي في مربط حمار لامرأة عمرو وذلك لأنه كانت امرأته تربط فيه حمارها وقيل : كان مكان مسجد قبا محلاً يجفف فيه التمر لكلثوم بن هدم رضي الله عنهما فبنوا مسجداً آخر في قبا على قصد الفساد وتفريق جماعة المؤمنين وأن يؤمهم فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام.
وفي الحدادي إنهم بنوه بإذن النبي عليه السلام، أقول : هذا يخالف سوق القصة كما لا يخفى وبعيد أن يأذن رسول الله قبل إشارة الله في ذلك.
وقصة أبي عامر الراهب أنه كان من أشراف قبيلة الخزرج تنصر في الجاهلية وترهب ولبس المسوح وكان ماهراً في علم التوراة والإنجيل.
قال الكاشفي :(ويوسته نعت وصفت سيد عالم صلى الله عليه وسلّم براهل مدينه مى خواند ون آن حضرت بمدينه هجرت كرد اهل آن خطه شيفته جمال وكمال وى شده وازصحبت أبو عامر برميدند وراوى او نكردند).
باوجود لب جان بخش تواى آب حيات
حيفم آيد سخن ازشمه حيوان كفتن
فحسده وعاداه لأنه زالت به عليه السلام رياسته وقال له لا أجد قوماً يقتلونك إلا قاتلتك فلم يزل يتقاتل معه عليه السلام إلى أن تقاتل معه يوم هوازن فلما انهزمت هوازن خرج إلى الشام.
قال الكاشفي :(بنزد هرقل كه ملك روم بود برفت ومى خواست ازروم لشكر ساز كرده بجنك مسلمانان آيد نامه نوشت بمنافقان ون ثعلبة بن حاطب وأمثال اوكه شمادر مقابله مسجد قبادر محله خويش براى من مسجدي بسازيدكه ون من بمدينه آم انجا بافاده علم اشتغال نمايم ايشان مسجدي ساختند وحضرت رسالت ناه ون عازم غزوه تبوك شد بانيان مسجد آمده كفتند يا رسول الله ما براى ضعيفان وبياركان در وقت سرما وبارندكى مسجدي ساخته ايم والتماس داريمكه در آن مسجد نمازكزارى وغرض ايشان آن بودكه بواسطه نمازآن حضرت صلى الله عليه وسلّم مهم خودرا دراستحكام دهند نانه در مثنوى معنوى هست) :
٥٠٥
مسجد واصحاب مسجدرا نواز
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٠٤
تومهى ماشب دمى بامابسلز
تاشود شب ازجمالت هموروز
اي جمالت آفتاب جان فروز
اي دريغا كان سخن ازدل بدى
تامراد آن نفر حاصل شدى
قال في "السيرة الحلبية" : كانوا يجتمعون فيه ويعيبون النبي عليه السلام ويستهزئون به فقال النبي صلى الله عليه وسلّم "إني على جناح سفر وحال شغل ولو قدمنا لأتيناكم فصلينا لكم فيه" فلما رجع من تبوك أتوه فسألوه إتيان مسجدهم فدعا عليه السلام بقميصه ليلبسه ويأتيهم فأنزل الله هذه الآية فقال :﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ مفعول له، أي : مضارة للمؤمنين.
قال الكاشفي :(براى ضرر مؤمنان وستيزه ايشان).
﴿وَكُفْرًا﴾ وتقوية للكفر الذي يضمرونه ﴿وَتَفْرِيقَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الذين كانوا يجتمعون في مسجد قباء، فإنهم أرادوا ببنائهم المسجد صرف بعض الجماعة إليه وتفريق كلمة المؤمنين.
﴿وَإِرْصَادًا﴾ أي ترقباً وانتظاراً.
﴿لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَه مِن قَبْلُ﴾ أي : من قبل اتخاذ هذا المسجد وهو أبو عامر الراهب أي لأجله حتى يجيء فيصلي فيه ويظهر على رسول الله وقد سبق حضوره في الوقائع كلها فمن متعلق بحارب أو باتخذوا، أي : اتخذوا مسجداً من قبل أن يظهر هؤلاء النفاق بالتخلف.
﴿وَلَيَحْلِفُنَّ﴾ والله ليحلفن فهو جواب قسم مقدر.


الصفحة التالية
Icon