واعلم أن السلاطين والوزراء والوكلاء بالنسبة إلى العسكر كالقلب بالنسبة إلى الأعضاء فكما أن القلب إذا صلح صلح الجسد كله فكذا الرئيس إذا ثبت وأظهر الشجاعة ثبت الجيش كله (بهرام كفت هرآنكه سرتاج دارد بايدكه دل ازسر بردارد هرآنكه اى نهد درنكار خانه ملك يقين كه مال وسر وهره هست دربازد).
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ بالحراسة والإعانة والمراد بالمعية الولاية الدائمة وأدخل مع على المتقين مع اختصاصه بالمتبوع لكونهم المباشرين للقتال ووضع المظهر موضع المضمر أي معكم إشارة إلى علة النصرة وهي التقوى كأنه قيل : واعلموا أن نصرة الله معكم بسبب تقواكم بالتوحيد والإسلام والإيمان والطاعة عن الإشراك والكفر والنفاق والعصيان في مرتبة الشريعة وبالله عن جميع ما سوى الله في مرتبة الحقيقة لا مع الكفار المشركين المنافقين العاصين وإن أعطاهم لوازم القتال مكراً واستدراجاً كما أعطاكموها كرماً وإحساناً وبقدر تقواكم بالحق عن الخلق يسخر الله لكم الخلق وبقدر تسخيركمقواكم النفسانية يسخر الله لكم الكفار وبقدر تسخيركمقواكم الروحانية يسخر الله لكم المؤمنين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢١
قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأظهر في مواقع النجوم : اعلم يا بني أن الله جل ثناؤه لما أراد أن يرقى عبده الخصوصي إلى المقامات العلية قرب منه أعداءه حتى يعظم جهاده لهم ويشتغل بمحاربتهم أولاً قبل محاربة غيره من الأعداء الذين هم منه أبعد قال الله تعالى : يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَـاتِلُوا الَّذِينَ} الآية وحظ الصوفي وكل موفق من هذه الآية أن ينظر فيها إلى نفسه الأمارة بالسوء التي تحمله على كل محظور ومكروه وتعدل به عن كل واجب ومندوب للمخالفة التي جبلها الله عليها وهي أقرب الكفار والأعداء إليه فإذا جاهدها وقتلها أو أسرها فحينئذٍ يصح له أن ينظر في الأعيار على حسب ما يقتضيه مقامه وتعطيه منزلته فالنفس أشد الأعداء شكيمة وأقواهم عزيمة فجهادها هو الجهاد الأكبر ومعنى الجهاد مخالفة هواها وتبديل صفاتها وحملها على طاعة الله.
وفي "المثنوي" :
أي شهان كشتيم ما خصم برون
ماند خصم زو بتر دراندرون
قد رجعنا من جهاد الأصغريم
باعدو اندر جهاد الأكبريم
سهل شيرى دانهك صفها بشكند
شير آن ست آنكه خودرابشكند
وللنفس سيفان ماضيان تقطع بهما رقاب صناديد الرجال وعظمائمهم وهما شهوتا البطن والفرج وشهوة البطن أقوى وأشد من شهوة الفرج لأنه ليس لها تأييد إلا من سلطان شهوة البطن :
٥٣٩
زان ندارى ميوه مانند بيد
كآب روبردى ى نان سيد
فما ملىء وعاء شر من بطن ملىء بالحلال هذا إذا كان القوت حلالاً فكيف إذا كان حراماً فالطعام والإكثار منه قاطع عن الطريق.
وعن عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين جوعوا بطونكم وعطشوا أكبادكم لعل قلوبكم ترى الله تعالى وكذا الكلام وكذا التأذي بأذى الأنام فعليه بالصبر وأن لا يجدهم مؤذين لأنه موحد فيستوى عنده المسيء والحسن في حقه بل ينبغي أن يرى المسيء محسناً وكذا المنام.
قال بعض العلماء : من سهر أربعين ليلة خالصاً كوشف بملكوت السموات أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغفلة إنه مجيب الدعوة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢١
﴿وَإِذَا مَآ﴾ كلمة ما صلة مؤكدة لارتباط الجزاء بالشرط ﴿أُنزِلَتْ سُورَةٌ﴾ من سور القرآن وعددها مائة وأربع عشرة بالإجماع والسورة طائفة من كلامه تعالى ﴿فَمِنْهُمْ﴾ أي : المنافقين ﴿مَن يَقُولُ﴾ لإخوانه إنكاراً واستهزاء ﴿أَيُّكُمْ﴾ مبتدأ وما بعدها خبره ﴿زَادَتْهُ هَـاذِهِ﴾ السورة ﴿إِيمَـانًا﴾ مفعول زادته وإيراد الزيادة مع أنه لا إيمان فيهم أصلاً باعتبار اعتقاد المؤمنين.
وفيه إشارة إلى أن الاستهزاء من علامات النفاق وأمارات الإنكار ثم أجاب الله تعالى عن إنكارهم واستهزائهم من يعتقد زيادة الإيمان بزيادة العلم الحاصل بالوحي والعمل به فقال :﴿فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ بالله تعالى وبما جاء من عنده ﴿فَزَادَتْهُمْ إِيمَـانًا﴾ هذا بحسب المتعلق وهو مخصوص بزمان النبي عليه السلام وأما الآن فالمذهب على الإيمان لا يزيد ولا ينقص وإنما تتفاوت درجاته قوة وضعفاً فإنه ليس من يعرف الشيء إجمالاً كمن يعرفه تفصيلاً كما أن من رأى الشيء من بعيد ليس كمن يراه من قريب فصورة الإيمان هو التصديق القلبي إجمالاً وتفصيلاً وحقيقته الإحسان الذي هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وحقيقة الإحسان مرتبة كنت سمعه وبصره التي هي قرب النوافل وفوقها مرتبة قرب الفرائض المشار إليه بقوله سمع الله لمن حمده.
والحاصل أن من اعتقد الكعبة إذا رآها من بعيد قوي يقينه ثم إذا قرب منها كمل ثم إذا دخل ازداد الكمال ولا تفاوت في أصل الاعتقاد ﴿وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ بنزولها وبما فيه من المنافع الدينية والدنيوية.
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ أي : كفر وسوء عقيدة.


الصفحة التالية
Icon