قال الحدادي : سمى الله النفاق مرضاً لأن الحيرة في القلب مرض القلب كما أن الوجع في البدن مرض البدن.
يقول الفقير كل منهما مؤد إلى الهلاك.
أما المرض الظاهر فإلى هلاك الجسم.
وأما المرض الباطن فإلى هلاك الروح فلا بد من معالجة كل منهما بحسب ما يليق به ﴿فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ أي : كفراً بها مضموماً إلى الكفر وعقائد باطلة وأخلاقاً ذميمة كذلك والفرق بين الرجس والنجس أن الرجس أكثر ما يستعمل فيما يستقذر عقلاً والنجس أكثر ما يستعمل فيما يستقذر طبعاً ﴿وَمَاتُوا وَهُمْ كَـافِرُونَ﴾ أي : واستحكم ذلك إلى أن يموتوا عليه بين الله تعالى أن بنزول سورة من السماء حصل للمؤمنين أمران زيادة الإيمان والاستبشار وحصل للمنافقين أمران مقابلان لهما زيادة الرجس والموت على الكفر، وفي الحديث :"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" يعني : أن من آمن بالقرآن وعظم شأنه وعمل به يرفع الله درجته في الآخرة ويرزقه عزة وشرفاً ومن لم يؤمن به أو لم
٥٤٠
يعمل به أو لم يعظم شأنه خذله الله في الدنيا والآخرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢١
﴿أَوَلا يَرَوْنَ﴾ الهمزة للإنكار والتوبيخ والواو للعطف على مقدر، أي : لا ينظر المنافقون ولا يرون.
﴿أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلِّ عَامٍ﴾ من الأعوام بالفارسية (در هر سالى) ﴿مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ والمراد مجرد التكثير لا بيان الوقوع حسب العدد المزبور أي يبتلون بأصناف البليات من المرض والشدة وغير ذلك مما يذكر الذنوب والوقوف بين يدي رب العزة فيؤدي إلى الإيمان به تعالى ﴿ثُمَّ لا يَتُوبُونَ﴾ عطف على لا يرون داخل تحت الإنكار والتوبيخ ﴿وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ والمعنى أو لا يرون افتتانهم الموجب لإيمانهم ثم لا يتوبون عما هم عليه من النفاق ولا هم يتذكرون بتلك الفتن الموجبة للتذكر والتوبة.
قال في "التأويلات النجمية" : هذه الفتنة موجبة لانتباه القلب الحي وقلوبهم ميتة والقلب الميت لا يرجع إلى الله ولا يؤثر فيه نصح الناصحين، كما قال :﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ (النمل : ٨٠) وقال :﴿لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا﴾ (يس : ٧٠).
وفي "المثنوي" :
ورنكوئى عيب خود بارى خمش
از نمايش وازدغل خودرا مكشكرتو نقدى يا فتى مكشا دهان
هست درره سكنهاى امتحان
كفت يزدان از ولادت تابحين
يفتنون كل عام مرتين
امتحان بر امتحانست اي سر
هين بكمتر امتحان خود را محر
ماهيانرا بحر نكذارد برون
خاكيانرا بحر نكذارد درون ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ﴾ بيان لأحوالهم عند نزولها في محفل تبليغ الوحي كما أن الأول بيان لمقالاتهم وهم غائبون عنه ﴿نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ المراد بالنظر النظر المخصوص الدال على الطعن في تلك السورة والاستهزاء بها أي تغامزوزا بالعيون إنكاراً لها وسخرية ﴿هَلْ يَرَاـاكُم مِّنْ أَحَدٍ﴾ أي : قائلين هل يراكم من أحد من المسلمين لينصرفوا من المسجد والمجلس مظهرين أنهم لا يضطربون عند استماعها ويغلب عليهم الضحك فيفتضحون، ﴿ثُمَّ انصَرَفُوا﴾ عطف على نظر بعضهم والتراخي باعتبار وجدان الفرقة والوقوف على عدم رؤية أحد من المؤمنين أي انصرفوا جميعاً عن محفل الوحي خوفاً من الافتضاح.
والمعنى يقول بعضهم لبعض هل يراكم من أحد من المؤمنين إن قمتم من مجلسكم فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وإن علموا أن أحداً يراهم أقاموا فيه وثبتوا حتى يفرغ عليه السلام من خطبته ثم انصرفوا ﴿صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم﴾ أي : عن الإيمان حسب انصرافهم عن المجلس والجملة إخبارية أو دعائية ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ أي : بسبب أنهم ﴿قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾ لسوء الفهم أو لعدم التدبر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٢١
وفي "التأويلات النجمية" : ليس فقه القلب فاننٍ فقه القلب من أمارات حياة القلب وهو نور يهتدى به إلى الحق كما أن الجهل ظلمة يقيم عندها ولا يدري ماذا يفعل اللهم اجعلنا من المتدبرين والمتذكرين والمعتبرين.
قال بعض العلماء : أصحاب القلوب من الإنس ثلاثة أصناف.
صنف كالبهائم قال الله تعالى :﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ (الأعراف : ١٧٩).
وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين.
وصنف في ظل الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله.
وعن أبي بكر الوراق رحمه الله أنه قال للقلب ستة أشياء حياة وموت وصحة وسقم ويقظة
٥٤١
ونوم فحياته الهدى ونومه الضلالة وصحته الصفاء وعلته العلاقة ويقظته الذكر ونومه الغفلة وفي "المثنوي" :
هو صباحي ون سليمان آمدى
خاضع اندر مسجد اقصى شدىنوكياهى رسته ديدئى اندرو
س بكفتي نام ونفع خود بكو
كوه دراوئي وه تامت ه است
توزيان كه ونفعت بر كيست
س بكفتي هركيوءهى فعل ونام
كه من آنرا جانم واين را حمام
س سليمان ديد اندر كوشه
نو كياهى رسته همون خوشهكفت نامت يست بركوبي دهان
كفت خروبست اي شاه جهان
كفت اندر توه خاصيت بود
كفت من رستم مكان ويران شود
من كه حروبم خرا منزلم