قال الكاشفي :(درهريكى صد هزار مرد شمشيررن) وهي سدوم، وعامورا، وكادو ما، ومذوايم، كانت على مسيرة ثلاثة أيام من بيت المقدس سافلها أي : قلبناها على تلك الهيئات.
وبالفارسية (نكون ساختيم) روى أن جبريل جعل جناحه في أسفلها فاقتلعها من الماء الأسود ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة لم يكفأ إناء ولم ينتبه نائم، ثم قلبها عليهم فاقبلت تهوى من السماء إلى الأرض.
وأمطرنا عليها على أهل المدائن من فوقهم (أي بعد از سر نكون شدن) وكان حقه جعلوا وأمطروا، أي : الملائكة المأمورون به فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبب تعظيماً للأمر وتهويلاً للخطب حجارة من سجيل من طين متحجر كقوله حجارة من طين واصله (سنك كل) فعرب منضود نضد في الإرسال بتتابع بعضه بعضاً كقطار الأمطار.
والنضد وضع الشيء بعضه على بعض وهو نعت لسجيل.
مسومة نعت حجارة، أي : معلمة لا تشبه حجارة الدنيا، أو باسم صاحبها الذي تصيبه ويرمى بها، عند ربك أي : جاءت من عند ربك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٠
قال الكاشفي :(آماده كشته در خزائن روردكار تو براى عذاب ايشان) روى إن الحجر اتبع شذاذهم أينما كانوا في البلاد ودخل رجل منهم الحرم وكان الحجر معلقاً في السماء أربعين يوماً حتى خرج فأصابه فأهلكه (در تفسير زاهدى آورده كه سنك كلان او برابر خمى بود وخردى مساوى اسبويى).
يقول الفقير : لعل الأمطار على تلك القرى بعد القلب إنما هو لتكميل العقوبة كالرجفة الواقعة بعد الصيحة لقوم صالح، ولتحصيل الهلاك لمسافريهم الخارجين من بلادهم لمصالحهم وهو الظاهر والله أعلم وما هي أي : الحجارة الموصوفة من الظالمين من كل ظالم فهم بسبب ظلمهم مستحقون لها ملابسون بها ببعيد تذكيره على تأويل الحجارة بالحجر.
وفيه وعيد لأهل الظلم كافة، وعنه عليه السلام أنه سأل جبرائيل فقال يعني : ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرضة حجر يسقط من ساعة إلى ساعة يقال : فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه، وجعلت فلاناً عرضة لكذا، أي : نصبته فلا تظن الظالمين أنهم يتخلصون ويسلمون من هذه الحجارة أن تسقط عليهم وقت وفاتهم وحصولهم إلى صباح موتهم، ونظيره
١٧٠
أن رسول الله كان قاعداً مع أصحابه في المسجد فسمعوا هدَّة عظيمة وهي صوت انهدام الحائط فارتاعوا، أي : خافوا وفزعوا فقال عليه السلام : أتعرفون ما هذه الهدة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل إلى قعرها وكان وصوله إلى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة فما فرغ من كلامه إلا والصراخ في دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل في قعرها قال الله تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}(النساء : ١٤٥) فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم الله ليعتبروا، وفي الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "ليلة أسرى بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة حجارة موضوعة، فسألت عن ذلك جبريل فقال : لا تسأل عنها، فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة، وقلت أخبرني عن الحجارة فقال : هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك، ثم تلا وما هي من الظالمين ببيعد" كذا في "زهرة الرياض" :
ون عالم ازستمكر ننك دارد
عجب نبودكه بروى سنك بارد
وفي "التبيان" والبعيد الذي ليس بكائن ولا يتصور وقوعه وكل ما هو كائن فهو قريب.
وعن محمد بن مروان قال : صرت إلى جزيرة النوبة في آخر ممرنا، فأمرت بالمضارب فضربت، فخرج النوب يتعجبون، وأقبل ملكهم رجل طويل أصلع حافٍ عليه كساء فسلم وجلس على الأرض، فقلت له ما لك لا تقعد على البساط؟ قال : أنا ملك وحق لمن رفعه الله أن يتواضع له إذا رفعه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٠
تواضع زكردن فرازان نكوست
كدا كر تواضع كند خوى اوست
ثم قال : ما بالكم تطاؤن الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم في كتابكم؟ فقلت : عبيدنا فعلوه بجهلهم، قال : ما بالكم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم في دينكم قلت أشياعنا فعلوه بجهلهم قال : فما بالكم تلبسون الديباج وتتحلون بالذهب والفضة وهي محرمة عليكم على لسان نبيكم قلت : فعل ذلك أعاجم من خدمنا كرهنا الخلاف عليهم فجعل ينظر في وجهي ويكرر معاذرى على وجه الاستهزاء ثم قال : ليس كما تقول يا ابن مروان، ولكنكم قوم ملكتم فظلمتم وتركتم ما أمرتم فأذاقكم الله وبال أمركم، ولله فيكم نعم لم تحص، وإني أخشى أن ينزل بك وأنت في أرضي مصيبة فتصيبني معك فارتحل عني.
واعلم أن الظلم من نتائج القساوة التي تمطر على كل قلب مقدار ما قدر له فلا يزال يزداد ظلم المرء بحسب ازدياد قساوة قلبه، فإذا أحاطت بمرآة قلبه قساوته أبعد من أن يكون مرجواً نجاته، وكان من المهلكين بحجر القساوة النازلة من سماء القهر والجلال، عصمنا الله وإياكم من البغي والفساد وأرشدنا إلى العدل والصلاح إنه ولي الإرشاد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٠


الصفحة التالية
Icon