قال الكاشفي :(مكر از براى كذشتن مدتي شمرده يعني تاوقت وي در نرسد قائم نكردد) حسما يقتضيه الحكمة، وفي الآيات تهديد وتخويف من الله وحث على تصحيح الحال وتصفية البال وتزكية الأعمال ومحاسبة النفوس قبل بلوغ الآجال، فإن العبد لا يحصد إلا ما يزرع ولا يشرب إلا بالكأس التي يسقي، وفي الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظلموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطمعوني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وإني أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وجنكم وأنسكم كانوا على قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم وجنكم وأنسكم قاموا في صعيد واحد فسألني كل واحد منكم مسألة وأعطيته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر غمسة واحدة، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم وأوفيكم إياها يوم القيامة، فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه فعلى العاقل أن يتدارك ما فات ولا يضيع الأوقات.
قال المولى الجامي قدس سره :
هردم از عمر كرامي هست كنج بي بدل
ميرود كنج نين هر لحضه باد آخ آخ
وقد خسر من فات عنه نفس في طلب غير الله فكيف يكون حال من أضاع أنفاسه في هواه.
يوم يأت أي : حين يأتي ذلك اليوم المؤخر بانقضاء له وهو يوم القيامة فلا يلزم أن يكون للزمان زمان، وذلك لأن الحين مشتمل على ذلك اليوم وغيره من الأوقات ولا محذور في كون الزمان جزءاً من زمان آخر ألا ترى أن الساعة جزء من اليوم واليوم من الأسبوع والأسبوع من الشهر وعلى هذا ؛ ويأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة كما قالوا لا أدر ولا أبال وهو كثير في لغة هذيل روى عن عثمان رضي الله عنه أنه عرض عليه المصحف فوجد فيه حروفاً من اللحن فقال لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل ما وجد فيه هذه الحروف فكأنه مدح هذيلاً بالفصاحة والناصب للظرف قوله : لا تكلم نفس لا تتكلم بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة إلا بإذنه أي بإذن الله تعالى كقوله تعالى : لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا}(النبأ : ٣٨) وقوله :﴿مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَه إِلا بِإِذْنِهِ﴾ ويوم القيامة يوم مقداره ألف سنة من سني الدنيا ففيه مواقف وأزمنة وأحوال مختلفة يتكلمون في بعضها ويتساءلون كما قال : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ولا يتكلمون}(النحل : ١١١) في بعضها لشدة
١٨٦
الهول والفزع وظهور سطوة آثار القهر أو لعدم الإذن لهم في الكلام كما قال :﴿هَـاذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ (المرسلات : ٣٥ ـ ـ ٣٦) ويختم في بعضها على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٦
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلّم "تمكثون ألف عام في الظلمة لا تتكلمون".
قال السعدي قدس سره :
(اكر تيغ قهر بركشد ولى وبني سردر كشد وكر غمزه لطف بجنباند بدانرا بنيكان رساند)
كر بمحشر خطاب قهر بود
انبيارا ه جاى معذرتست
رده از لطف كوبردار
كاشقيارا اميد مغفرتست
﴿فَمِنْهُم﴾ أي : من الناس المذكور في قوله مجموع له الناس أو من أهل الموقف المدلول عليهم بقوله لا تكلم نفس شقي وجبت له النار بموجب الوعيد وسعيد أي : ومنهم سعيد وجبت له الجنة بمقتضى الوعد.
وتقديم الشقي على السعيد ؛ لأن المقام مقام التحذير والإنذار.
قال في التبيان علامة الشقاوة خمسة أشياء، قساوة القلب، وجمود العين، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل، وقلة الحياء، وعلامة السعادة خمسة، أشياء لين القلب، وكثرة البكاء، والزهد في الدنيا، وقصر الأمل، وكثرة الحياء.
وفي التأويلات النجمية : شقى محكوم عليه بالشقاوة في الأزل وسعيد محكوم عليه بالسعادة في الأزل.
وعلامة الشقاء الإعراض عن الحق وطلبه، والإصرار على المعاصي من غير ندم عليها، والحرص على الدنيا حلالها وحرامها، واتباع الهوى والتقليد والبدعة، وعلامة السعادة الإقبال على الله وطلبه، والاستغفار من المعاصي والتوبة إلى الله، والقناعة باليسير من الدنيا وطلب الحلال منها، واتباع السنة واجتناب البدعة ومخالفة الهوى انتهى (شيخ أبو سعيد خراز قدس سره فرموده كه حق سبحانه وتعالى درين سوره دوكار عظيم بيان فرموده يكى سياست جباري وسطوت قهاري كه دمار از روز كار كفار بر آورده ديكر حكم أزلي كه بشقاوت وسعادت خلق شرف نفاذ بافته وحضرت رسالت از هيبت آن خبر وسطوت اين حكم فرموده كه شيبتني سورة هود).
آن يكى را ازا زل لوح سعادت بركنار
وين يكى را تا ابد داغ شقاوت برجبين
عدل او مير انداين را سوى أصحاب شمال
فضل او ميخواند آنرانزد أصحاب يمين