وذكر عن أبي ميسرة قال أتى إلى رجل في قبره بعد ما دفن منكر ونكير فقالا له إنا ضارباك مائة سوط فقال الميت إني كنت كذا وكذا فتشفع حتى حطا عنه عشرة ثم لم يزل بهما حتى حطا عنه عشرة أخرى إلى أن صار إلى ضربة واحدة فقالا إنا ضارباك ضربة فضرباه واحدة فالتهب القبر ناراً فقال لم ضربتماني فقالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه، فهذه حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم؟ فعلى السلاطين والحكام العدل على كافة الأنام وتفتيش أحوال أهل الإسلام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٠
نيايد بنزديك دانا سند
شبان خفته وكر در كوسفند
مكن تاتوانى دل خلق ريش
وكر ميكنى ميكنى بيخ خويش
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٠
[يونس : ٩٩-١٩]﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ﴾ مشيئة قسر كما في الكواشي : لجعل الناس أمة واحدة متفقة على الحق ودين الإسلام بحيث لا يكاد يختلف فيه أحد كما كانوا قبل الاختلاف قال الله تعالى : وما كان
٢٠١
الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا}(يونس : ١٩) وكما يكونون بعد الاختلاف في آخر الزمان في عهد عيسى عليه السلام على ما في بعض الروايات ولكن لم يشأ ذلك لما علم أنهم ليسوا بأهل لذلك فلم يكونوا أمة متفقة على الحق.
يقول الفقير : وقع الاتفاق في أول النشأة الإنسانية ثم آل الأمر إلى الاختلاف بمقتضى الحكمة الإلهية إلى عهد عيسى عليه السلام ويعود في زمانه على ما كان عليه قبل، ففيه إشارة إلى اتحاد سر الأزل والأبد فافهم جداً، وأما الاختلاف الواقع قبل آدم فغير معتبر لكونه من غير جنس الناس وكذا بعد عيسى عليه السلام لكونه بعد انقطاع الولاية المطلقة وانتقالها إلى نشأة أخرى [هود : ١١٨-٥٣]﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ في الحق ودين الإسلام أي مخالفين له كقوله تعالى : وما اختلف فيه إلا الذين لأتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم}(البقرة : ٢١٣) أو على أنبيائهم كما قال عليه السلام :"إن الله بعثني رحمة للعالمين كافة فأدوا عني رحمكم الله ولا تختلفوا كما اختلف الحواريون على عيسى فإنه دعاهم إلى الله مثل ما أدعوكم إليه".
وفي الآية إثبات الاختيار للعبد لما فيها من النداء على أنهم صرفوا قدرتهم وإرادتهم إلى كسب الاختلاف في الحق، فإن وجود الفعل بلا فاعل محال، سواء كان موجباً أولاً وهو جبر متوسط وقول بين القولين وذلك لأن الجبرية اثنتان متوسطة تثبت كسباً في الفعل كالأشعرية من أهل السنة والجماعة، وخالصة لا تثبته كالجهمية، وإن القدرية يزعمون أن كل عبد خالق لفعله لا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى، فنحن معاشر أهل السنة نقول العبد كاسب والله خالق أي فعل العبد حاصل بخلق الله إياه عقيب إرادة العبد وقصده الجازم بطريق جرى العادة بأن الله يخلقه عقيب قصد العبد ولا يخلقه بدونه فالمقدور الواحد داخل تحت القدرتين المختلفتين لأن الفعل مقدور الله من جهة الإيجاد ومقدور العبد من جهة الكسب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠١
يقول الفقير : قوله تعالى :﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ (الأنفال : ١٧) ونحوه لا ينافي الاختيار لأن ذلك بالنسبة إلى فناء العبد في الحق، ولا كلام في أن المؤثر على كل حال هو الله تعالى.
كما قال المولى الجامي قدس سره :
حق فاعل وهره جز حق آلات بود
تأثير زآلت از محالات بود
هستى مؤثر حقيقي است يكيست
باقي همه أوهام وخيالات بود
﴿إِلا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ﴾ استثناء متصل من الضمير في مختلفين وإن شئت من فاعل لا يزالون أي إلا قوماً هداهم الله بفضله إلى الحق فاتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه، أي لم يخالفوه.
ولذلك أي وللرحمة بتأويل إن مع الفعل خلقهم الضمير لمن قاله ابن عباس، أي خلق أهل الرحمة للرحمة كما خلق أهل الاختلاف للاختلاف.
وفي المثنوى :
ون خلقت الخلق كي يربح على
لطف توفر مود أي قيوم وحي
لا لان تربح عليهم جودتست
كه شود زو جمله ناقصها درست
عفو كن زين بند كان تن رست
عفو از درياي عفو او ليترست
وتمت كلمة ربك أي : وجب قول ربك للملائكة أو حكمه، وهو لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين أي : من عصاتهما أجمعين أو منهما أجمعين لا من أحدهما فهو لتأكيد العموم للنوعين والثلان هما النوعان المخلوقان للاختلاف في دين الله الموصوفان بكفران نعم الله
٢٠٢
ونسيان حقه وهما سيان في الحكم فلاشقياء الجن ما لاشقياء الأنس من العقاب.
واعلم أن الناس في الأديان على أربعة أقسام سعيد.
بالنفس والروح في لباس السعادة وهم الأنبياء وأهل الطاعة، والثاني : شقي بالنفس في لباس الشقاوة وهم الكفرة المصرون، والثالث : شقي بالنفس في لباس السعادة مثل بلعم بن باعورا وبرصيصا وإبليس، والرابع : سعيد بالنفس في لباس الشقاوة كبلال وصهيب وسلمان في أوائل أمرهم ثم بدل الله لباسهم بلباس التقوى والهداية، فأصل الأصول هو العناية الأزلية والهداية الإلهية والسعادة الأصلية.


الصفحة التالية
Icon