وقال الكاشفي :(هفتاد كز عمق يافت يا زياده) فأتوا به إلى رأس البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه، فدلوه فيها بحبل مربوط على وسطه فتعلق بشفيرها، فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم الكذب احتيالاً لأبيه، فقال : يا أخوتاه ردوا علي قميصي اتوارى به في حياتي ويكون كفناً بعد مماتي، فلم يفعلوا فلما بلغ نصفها قطعوا الحبل وألقوه ليموت وكان في البئر ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة بجانب البئر فقام عليها وهو يبكي فنادوه وظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه فمنعهم يهودا.
قال الكاشفي (از حضرت ملك أعلى خطاب مستطاب بطائر آشيان سدرة المنتهى رسيدكه (أدرك عبدي جبريل) يش ازانكه يوسف به تك اه رسد بوي رسيد واورا بانه مقدسه خود كرفت وبربالاى صحره كه درتك اه بود بنشانيد واز طعام وشراب بهشت بوي داد يراهن خليل كه تعويذ وار بربازوداشت اورا بوشانيد) قال الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن ثنتي عشرة سنة ولقى أباه بعد ثمانين سنة، وقيل : كان يوسف
٢٢٣
ابن سبع عشرة سنة، وقيل ابن ثماني عشرة سنة وروى إن هوام البئر قال بعضها لبعض لا تخرجن من مساكنكن فإن نبيا من الأنبياء نزل بساحتكن فانجحرن إلا الأفعى فإنها قصدت يوسف فصاح بها جبريل فصمت وبقى الصمم في نسلها ولما ألقي في الجب قال : يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ويا غالباً غير مغلوب اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وروى اجعل لي فرجاً مما أنا فيه فما بات فيه.
قال الكواشي : لبث في البئر ثلاثة أيام أو خرج من ساعته انتهى.
وعلم جبريل يوسف هذا الدعاء أي في البئر اللهم يا كاشف كل كربة، ويا مجيب كل دعوة، ويا جابر كل كسير، ويا ميسر كل عسير ويا صاحب كل غريب، ويا مؤنس كل وحيد لا إله إلا أنت سبحانك أسألك أن تجعل لي فرجاً ومخرجاً وأن تقذف حبك في قلبي حتى لا يكون لي هم ولا ذكر غيرك وأن تحفظني وترحمني يا أرحم الراحمين روى إن يوسف لما ألقى في الجب ذكر الله بأسمائه الحسنى فسمعه الملائكة فقالوا يا رب نسمع صوتاً حسناً في الجب فأمهلنا ساعة فقال الله ألستم قلتم أتجعل فيها من يفسد فيها}(البقرة : ٣٠) فحفته الملائكة فأنس بهم وكذلك إذا اجتمع المؤمنون على ذكر الله تعالى يقول الملائكة إلهنا انظرنا نستأنس بهم فيقول الله تعالى ألستم قلتم ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾ فالآن تتمنون الاستئناس بهم فعلم أن الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما في نفائس المجالس :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٢
ذره ذره كاندرين ارض وسماست
جنس خودرا هريكي ون كهرباست
ضدرا باضد ايناس از كجا
با امام الناس نسنانس از كجا
اين قدر كفتيم باقي فكر كن
فكرا اكر جامد بودرو ذكر كن
ذكر آرد فكررا در اهتزاز
ذكررا خورشيد اين افسرده ساز
كما في المثنوى : وأوحينا إليه تبشير إليه بما يؤول إليه أمره وإزاله لو حشته، وإيناساً له وكان وحي نبوة ورسالة كما عليه المحققون، وقد صح أن الله تعالى أوحى إلى يحيى وعيسى عليهما السلام قبل إدراكهما وذلك لأن الله تعالى قد فتح باب الولاية الخاصة لبعض الآحاد في صغرهم كالشيخ سهل قدس سره فلأن يكون باب النبوة مفتوحاً أولى، لكمال استعداد الأنبياء عليهم السلام فأمر الولاية والنبوة لا يتوقف على البلوغ وعلى الأربعين وإن استنبىء أكثر الأنبياء بعد الأربعين على ما جرى عليه عادة الله الغالبة هكذا لاح بالبال.
قال الكاشفي :(وما وحى فرستاديم سوى اوكه اندو هناك مباش بيرون زحضيض جاه رسانيم وبرار انرا بحاجتمندى نزديك توآريم) لتنبئنهم لتحدثن إخوتك فيما يستقبل بأمرهم هذا بما فعلوا لك وهم لا يشعرون بأنك يوسف لتباين حاليك حالك هذه وحالك يومئذٍ لعلو شانك وكبرياء سلطانك وبعد حالك عن أوهامهم ولطول المبدل للأشكال والهيئات، وذلك إنهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون، دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان أخ لكم من أبيكم يقال له يوسف، وكان يدنيه دونكم وأنكم انطلقتم به وألقيتموه في غيابة الجب وقلتم لأبيكم أكله الذئب.
والإشارة : أن من خصوصية تعلق الروح بالقالب أن يتولد منها القلب العلوي والنفس السفلية والقوى والحواس فيكون ميل الروح والقلب ونزاعهما إلى عالم الروحانية وميل النفس والقوى والحواس إلى عالم
٢٢٤


الصفحة التالية
Icon