والإشارة : أن يوسف القلب وإن بلغ أعلى مراتبه في مقام الحقيقة وفنائه عن صفات الأنانية واستغراقه في بحر صفات الهوية لا ينقطع عنه تصرفات زليخا الدنيا ما دام هو في بيتها وهو الجسد فإن الجسد للقلب بيت دنيوي، فالمعنى أنه :﴿وَرَاوَدَتْهُ﴾ يوسف القلب زليخا الدنيا التي هو يوسف القلب في بيتها أي في الجسد الدنيوي، أي : عن نفسه لما رأت في نفسه لتعلقه بالجسد داعية الاحتظاظ من الحظوظ الدنيوية ليحتظ منها وتحتظ منه وغلقت الأبواب وهي أبواب أركان الشريعة يعني إذا فتحت الدنيا على القلب أبواب شهواتها وحظوظها غلقت عليه أبواب الشريعة التي تدخل منها أنوار الرحمة والهداية ونفحات الألطاف والعناية وقالت أي : الدنيا هيت لك أقبل إلي وأعرض عن الحق قال يعني : القلب الفاني عن نفسه الباقي بربه.
معاذ الله أي : عياذي بالله مما سواه.
إنه ربي الذي ربني بلبان ألطاف ربوبيته أحسن مثواي أي مقامي في عالم الحقيقة فلا أعرض عنه إنه لا يفلح الظالمون الذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن المولى ولقد همت به أي همت الدنيا بالقلب لما ترى فيه من الحاجة الضرورية الإنسانية إليها وهم بها أي هم القلب بها فوق الحاجة الضرورية إليها لمشاركة النفس الحريصة على الدنيا ولذاتها.
لولا أن أرى القلب برهان ربه وهو نور القناعة التي من نتائج نظر العناية إلى قلوب الصادقين كذلك لنصرف عنه عن القلب بنظر العناية السوء هو الحرص على الدنيا.
والفحشاء وهو تصرف حب الدنيا فيه إنه قلب كامل من عبادنا لا من عباد الدنيا وغيرها المخلصين مما سوانا أي المخلصين من جنس الوجود المجازي الموصلين إلى الوجود الحقيقي، وهذا مقام كمالية القلب، أن يكون عبداً الله حراً عما سواه، فانياً عن أوصاف وجوده، باقياً بأوصاف ربه، كذا في التأويلات النجمية حكى عن علي بن الحسن أنه كان في البيت صنم فقامت زليخا وسترته بثوب فقال لها يوسف : لم فعلت هذا؟ قالت : استحييت منه أن يراني على المعصية.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٧
درون رده كردم جايكاهش
كه تانبود بسوى من نكاهش
زمن آيين بي ديني نبيند
درين كارم كه مي بيني نبيند
فقال يوسف : أتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه، وأنا أحق أن استحيي من ربي الذي خلقني فأحسن خلقي.
قال في التبيان : إن يوسف لما رأى البرهان قام هارباً مبادراً إلى الباب فتبعته زليخا، وذلك قوله تعالى :
واستبقا الباب بحذف حرف الجر، أي تسابقا إلى الباب البراني الذي هو المخرج من الدار ولذلك وحد بعد الجمع فيما سلف، أما يوسف فللفرار منها
٢٣٩
وأما هي فلتصده عن الخروج والفتح وقدت قميصه من دبر أي : اجتذبته من ورائه وخلفه فانشق طولاً نصفين وهو القد كما أن الشق عرضاً هو القط وألفيا وجدا وصادفا سيدها زوجها وهو قطفير تقول المرأة لزوجها سيدي ولم يقل سيدهما، لأن ملك يوسف لم يصح فلم يكن له سيدا على الحقيقة لدى الباب أي عند الباب البراني مقبلاً ليدخل، أو كان جالساً مع ابن عم لزليخا يقال له : يمليخا روى عن كعب أنه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناسر ويسقط حتى خرج من الأبواب كما قال المولى الجامي :
وكش اندر دويدن كام تيزش
كشاد ازهر درى راه كريزش
بهر دركامدى بي در كشايي
ريدى قفل جايى ره جايي
زليخا ون بديدان از عقب جست
بوي در آخرين دركاه يوست
ي باز آمدن دامن كشيدش
زسوى شت يراهن در يدش
برون رفت از كف آن غم رسيده
بسان غنه يراهن دريده
برون آمد يش آمد عزيزش
كروهى از خواص خانه نيزش
قالت كأنه قيل فماذا كان حين ألفيا العزيز عند الباب، فقيل قالت : منزهة نفسها ما جزاء من أراد بأهلك سوأ من الزنى ونحوه وما نافية، أي ليس جزاؤه إلا أن يسجن أو عذاب أليم إلا السجن أو العذاب الأليم مثل الضرب بالسوط ونحوه، أو استفهامية، أي : أيّ شيء جزاؤه غير ذلك كما تقول من في الدار إلا زيد.
قال العزيز : من أراد باهلي سوأ؟ قالت زليخا : كنت نائمة في الفراش فجاء هذا الغلام العبراني وكشف عن ثيابي وراودني عن نفسي :
و دزدان بر سربالينم آمد
بقصد حرمن نسرينم آمد
خيالش آنكه من ازوى نه آكاه
بحرم كلستانم آورد راه
باذن باغبان ناكشته محتاج
برد تا سنبل وكل را بتاراج
فالتفت العزيز إليه وقال يا غلام هذا جزائي منك حيث أحسنت إليك وأنت تخزيني.
ثمى شايد درين دير ر آفات
جز احسان أهل اسحانرا مكافاة
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٧
زكوى حقكزارى رخت بستى
نمك خوردى نمكدانرا شكستي
كأنه قيل : فماذا قال يوسف حينئذٍ؟ فقيل :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٧
﴿قَالَ﴾ دفعاً عن نفسه وتنزيهاً لعرضه هي راوتني عن نفسي طالبتني للمواقعة لا أني أردت بها سوأ كما قالت :
زليخا هره ميكويد دروغست
دروغ أو راغ بي فروغست
زن از بهلوى ب شد آفريده
كس از ب راستى هر كزنديده


الصفحة التالية
Icon