وفي الآية دلالة أيضاً على جواز التقلد من يد الكافر والسلطان الجائر، إذا علم إنه لا سبيل إلى الحكم بأمر الله ودفع الباطل وإقامة الحق إلا بالاستظهار به وتمكينه، وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه وحكى الشيخ العلامة ابن الشحنة : أن تيمورلنك ذكروا عنه كان يتعنت على العلماء في الأسئلة، ويجعل ذلك سبباً لقتلهم وتعذيبهم مثل الحجاج، فلما دخل حلب فتحها عنوة وقتل وأسر كثيراً من المسلمين وصعد نواب المملكة وسائر الخواص إلى القلعة وطلب علماءها وقضاتها فحضرنا إليه، وأوقفنا ساعة بين يديه، ثم أمرنا بالجلوس فقال لمقدم أهل العلم عنده وهو المولى عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفي، قل لهم : إني سائلهم عن مسألة سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التي افتتحتها ولم يفصحوا عن الجواب، فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبني إلا أعلمكم وأفضلكم وليعرف ما يتكلم به فقال لي عبد الجبار : سلطاننا يقول : بالأمس قتل منا ومنكم فمن الشهيد قتيلنا أم قتيلكم؟ ففتح الله عليّ بجواب حسن بديع فقلت جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام، فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه في سبيل الله ومن قتل منا ومنكم لإعلاء كلمة الله فهو الشهيد فقال تيمورلنك : خوب خوب وقال عبد الجبار : ما أحسن ما قلت وانفتح باب المؤانسة فتكررت الأسئلة والأجوبة وكان آخر ما سأل عنه ما تقولون في علي ومعاوية ويزيد فقلت : لا شك أن الحق كان مع علي وليس معاوية من الخلفاء، فقال : قل عليّ على الحق ومعاوية ظالم، ويزيد فاسق قلت : قال صاحت الهداية يجوز تقليد القضاء من ولاة الجور فإن كثيراً من الصحابة والتابعين تقلدوا القضاء من معاوية وكان الحق مع على في توبته فسر لذلك، وأحسن إلينا وإلى من يتعلق بنا في البلدة وروى أن الملك لما عين يوسف عليه السلام لأمر الخزائن توفي قطفير في تلك الليالي كما قال المولى الجامي :
و يوسف را خدا داد اين بلندي
بقدر اين بلندي ار جمندي
عزيز مصررا دولت زبون كشت
لو أي حشمت لأ سر نكون كشت
دلش طاقت نياورد اين خللل را
بزودي شد هدف تير اجل را
زليخا روى در ديوار غم كرد
زبار هجر يوسف شت خم كرد
نه از جاي عزيزش خانه آباد
نه ازاندوه يوسف خاطر آزاد
فلك كو دير مهر وتيز كين است
درين حرمان سرا كاروى اينست
يكى را بركشد ون خور بافلاك
يكى را افكند ون سايه برخاك
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٦
خوش آن دانا بهر كارى وبارى
كه از كارش بكيرد اعتباري
نه از اقبال او كردن فرازد
نه از ادبار او جانش كدازد
حكي أن زليخا بعد ما توفي قطفير انقطعت عن كل شيء وسكنت في خرابة من خرابات
٢٧٩
مصر سنين كثيرة، وكانت لها جواهر كثيرة جمعت في زمان زوجها، فإذا سمعت من واحد خبر يوسف أو اسمه بذلت منها محبة له حتى نفدت ولم يبق لها شيء.
وقال بعضهم : أصاب زليخا ما أصاب الناس من الضر والجوع في أيام القحط فباعت حليها وحللها وجميع ما كانت تملكه وذهب نعمتها وبكت بكاء الشوق ليوسف وهرمت.
جواني تيره كشت از رخ يرش
برنك شير شد موى و قيرش
بر آمد صبح وشب هنكامه بر يد
بمشكستان او كافور باريد
به شت خم آزان بودي شرش يش
كهجستى كم شده مايه خويش
ثم لما غيرها الجهد واشتد حالها بمقاساة شدائد الخلوة في تلك الخرابة اتخذت لنفسها بيتاً من القصب على قارعة الطريق التي هي ممر يوسف، وكان يوسف يركب في بعض الأحيان وله فرس يسمع صهيله على ميلين، ولا يصهل إلا وقت الركوب فيعلم الناس أنه قد ركب فتقف زليخا على قارعة الطريق، فإذا مرَّ بها يوسف تناديه بأعلى صوتها فلا يسمع لكثرة اختلاط الأصوات :
زبس بر كوشها ميزد زهرجا
صهيل مركبان باد يما
زبس بر آسمان ميشد زهر سوى
نفير اوشان طرقوا كوى
كس از غوغا بحال اونيفتاد
بحالي شدكه اوراكس مبيناد
و كردى كوش آن حيران ومهجور
زاووشان صداي دور شودور
زدي افغان كه من عمريست دورم
بصد محنت دران دوري صبورم
زجانان تا بكى مهجور باشم
همان بهتركه از خود دور باشم
بكفتى اين وبيهوش اوفتادى
زخود كرده فراموش او فتادى
فأقبلت يوماً على صنمها الذي كانت تعبده ولا تفارقه، وقالت له تباً لك ولمن يسجد لك أما ترحم كبري وعماي، وفقري، وضعفي في قواي فأنا اليوم كافرة بك
بكفت اين را بزد برسنك خاره
خليل آسا شكستش اره اره
تضرع كرد ورو بر خاك ماليد
بدركاه خداي اك ناليد
اكر رودربت آوردم خدايا
بآن بر خود جفا كردم خدايا
بلطف خود جفاي من بيامرز
خطا كردم خطاي من بيامرز
زس راه خطا يمايى از من
ستاندي كوهر بينايى ازمن
و آن كرد خطا از من فشاندي
بمن ده باز آنجه از من ستاندي
بود دل فارغ ازداغ تأسف
بنيم لا له ازباغ يوسف
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٦