فآمنت برب يوسف وصارت تذكر الله تعالى صباحاً ومساء، فركب يوسف يوماً بعد ذلك فلما صهل فرسه علم الناس أنه ركب، فاجتمعوا لمطالعة جماله ورؤية احتشامه، فسمعت زليخا الصهيل فخرجت من بيت القصب فلما مرَّ بها يوسف نادت بأعلى صوتها سبحان من جعل الملوك عبيداً بالمعصية، وجعل العبيد ملوكاً بالطاعة، فأمر الله تعالى الريح فالقت كلامها في مسامع يوسف
٢٨٠
فأثر فيه فبكى، ثم ألتفت فرآها فقال لغلامه اقضِ لهذه المرأة حاجتها فقال لها : ما حاجتك قالت : إن حاجتي لا يقضيها إلا يوسف فحملها إلى دار يوسف فلما رجع يوسف إلى قصر نزع ثياب الملك، ولبس مدرعة من الشعر وجلس في بيت عبادته يذكر الله تعالى فذكر العجوز ودعا بالغلام وقال له : ما فعلت العجوز؟ فقال : إنها زعمت إن حاجتها لا يقضيها غيرك فقال ائتني بها فأحضرها بين يديه، فسلمت عليه وهو منكس الرأس فرق لها، ورد عليها السلام وقال لها : يا عجوز إني سمعت منك كلاماً فأعيديه فقالت : إني قلت سبحان من جعل العبيد ملوكاً بالطاعة، وجعل الملوك عبيداً بالمعصية فقال : نعم ما قلت، فما حاجتك؟ قالت يا يوسف ما أسرع ما نسيتني فقال من أنت؟ ومالي بك معرفة.
بكفت آنم كه ون روى توديدم
ترا از جمله عالم بر كزيدم
فشاندم كنج وكوهر در بهايت
دل وجان وقف كردم درهوايت
جواني درغمت بر باد دادم
بدين يرى كه مي بيني فتادم
كرفتي شاهد ملك اندر آغوش
مرا يكبار تو كردىء فراموش
أما أنا زليخا، فقال : يوسف لا إله إلا الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، وأنت بعد في الدنيا يا رأس الفتنة وأساس البلية، فقالت : يا يوسف أبخلت عليّ بحياة الدنيا، فبكى يوسف وقال ما صنع حسنك وجمالك ومالك، قالت ذهب به الذي أخرجك من السجن وأورثك هذا الملك، فقال لها : ما حاجتك قالت : أو تفعل؟ قال : نعم وحق شيبة إبراهيم، فقالت لي ثلاث حوائج الأولى والثانية : أن تسأل الله أن يرد عليّ بصري وشبابي وجمالي، فإني بكيت عليك حتى ذهب بصري ونحل جسمي فدعا لها يوسف فرد الله عليها بصرها وشبابها وحسنها.
سفيدي شد زمشكين مهره اش دور
در آمد در سواد نركسش نور
جواني يريش را كشت هاله
س از ل سالكي شد هده ساله
وقال بعضهم : كان عمرها يومئذٍ تسعين سنة، والحاجة الثالثة : أن تتزوجني فسكت يوسف وأطرق رأسه زماناً فأتاه جبريل وقال له يا يوسف ربك يقرأك السلام ويقول لك لا تبخل عليها بما طلبت.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٦
كه ما عجز زليخارا و ديديم
بتو عرض نيازش را شنيديم
دلش ار تيغ نوميدي نخستيم
بتو بالاي عرشش عقد بستيم
فتزوج بها، فإنها زوجتك في الدنيا والآخرة
و فرمان يافت يوسف از خداوند
كه بندد با زليخا عقد ويوند
دعا سلطان مصر وجميع الأشراف وضاف لهم
بقانون خليل ودين يعقوب
بر آيين جميل وصورت خوب
زليخارا بعقد خود در آورد
بعقد خويش يكتا كوهر آورد
ونزلت عليه الملائكة تهنئة بزواجه بها، وقالوا هناك الله بما أعطاك، فهذا ما وعدك ربك وأنت في الجب فقال يوسف الحمدالذي أنعم علي وأحسن إليّ وهو أرحم الراحمين ثم قال
٢٨١
إلهي وسيدي أسألك إن تتم هذه النعمة وتريني وجه يعقوب وتقر عينه بالنظر إليّ وتسهل لأخوتي طريقاً إلى الاجتماع بي فإنك سميع الدعاء، وأنت على كل شيء قدير، وأرسلت زليخا إلى بيت الخلوة فاستقبلتها الجواري بأنواع الحلي والحلل فتزينت بها فلما جن الليل ودخل يوسف عليها قال لها : أليس هذا خيراً مما كنت تريدين؟ فقالت : أيها الصديق لا تلمني فإني كنت امرأة حسناء ناعمة في ملك ودنيا وكان زوجي عنيناً لا يصل إلى النساء وكنت كما جعلك الله في صورتك الحسنة فغلبتني نفسي
شكيبايي نبود از تو حد من
بكش دامان عفوي از بد من
ز جرمي كز كمال عشق خيزد
كجا معشوق با عاشق ستيزد
فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء وأصابها وفك الخاتم
كليد حقه از ياقوت ترساخت
كشادش قفل دروي كوهر انداخت
فحملت من يوسف وولدت له ابنين في بطن أحدهما أفراييم والآخر ميشا، وكانا كالشمس والقمر في الحسن والبهاء وباهى الله بحسنهما ملائكة السموات السبع، وأحب يوسف زليخا حباً شديداً وتحول عشق زليخا وحبها الأول إليه حتى لم يبق له بدونها قرار
و صدقش بود بيرون از نهايت
در آخر كرد بر يوسف سرايت
وحول الله تعالى عشق زليخا المجازي إلى العشق الحقيقي، فجعل ميلها إلى الطاعة والعبادة وراودها يوسف يوماً ففررت منه فتبعها وقّد قميصها من دبر فقالت، فإن قددت قميصك من قبل فقد قددت قميصي الآن فهذا بذاك
درين كار ازتفاوت بي هراسيم
به يراهن درى رأساً برأسيم
و يوسف روى او در بندكى ديد
وزان نيت دلش را زندكى ديد
بنام او ز زر كاشانه ساخت
نه كاشانه عبادت خانه ساخت
ووضع في البيت الذي بناه سريراً مرصعاً بالجواهر فأخذ بيدها وأجلسها عليه وقال :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٦
درو بنشين ي شكر خدايي
كزو داري بهر مو يى عطايي
توانكر ساختت بعد از فقيري
جواني داد بعد از ضعف يرى
بشم نور رفته نور دادت
وزان بررو در رحمت كشادت