﴿قَالَ يُوسُفُ﴾ معاذ الله من إضافة المصدر إلى المفعول به، أي نعوذ بالله معاذاً من أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده غير من وجد الصواع في رحله، لأن أخذنا له إنما هو بقضية فتواكم فليس لنا الإخلال بموجبها إنا إذا أي : إذا أخذنا غير من وجد متاعنا عنده، ولو برضاه لظالمون في مذهبكم وما لنا ذلك.
قال في بحر العلوم وإذا جواب لهم وجزاء، لأن المعنى إن أخذنا بدله ظلمنا، هذا ظاهره، وأما باطنه فهو أن الله أمرني بالوحي أن آخذ بنيامين لمصالح علمها الله في ذلك، فلو أخذت غيره لكنت ظالماً وعاملاً بخلاف الوحي.
وفيه إشارة إلى أن العمل بخلاف الإلهام أيضاً ظلم، لأن كل وارد يرد من الله تعالى لا بد أن يعمل به النبي والولي ويضعه في المحل الذي عينه الله، فالأنبياء والأولياء منتظرون لأمر الله
٣٠٢
في كل حادثة، فما لم يأمروا به ولم يخبروا لا يصدقونه ولا يتبعونه.
وكان لسري تلميذة ولها ولد عند المعلم فبعث به المعلم إلى الرحى، فنزل الصبي في الماء فغرق فاعلم المعلم سرياً بذلك، فقال السري : قوموا بنا إلى أمه فمضوا إليها، وتكلم السري عليها في علم الصبر، ثم تكلم في علم الرضى فقالت يا أستاذ وأي شيء تريد بهذا؟ فقال لها : إن ابنك قد غرق فقالت ابني؟ فقال : نعم فقالت إن الله تعالى ما فعل هذا، ثم عاد السري في كلامه في الصبر والرضى فقالت : قوموا بنا فقاموا معها حتى انتهوا إلى النهر فقالت : اين غرق؟ قالوا ههنا فصاحت ابني محمد فأجابها لبيك يا أماه، فنزلت وأخذت بيده فمضت به إلى منزلها فالتفت السرى إلى الجنيد وقال أي شيء؟ هذا فقال أقول قال قل قال إن المرأة مراعية لماعليها، وحكم من كان مراعياً لماعليه أن لا تحدث حادثة حتى يعلم بها فلما لم تكن تعلم هذه الحادثة أنكرت، فقالت : إن ربي ما فعل هذا.
ثم إن الظلم على أنواع فالحكم بغير ما حكم الله به ظلم، وطلب الظلم ظلم، والصحبة بغير المجانس ظلم، ومن ابتلى بالظلم وسائر الأوزار فعليه التدارك بالتوبة والاستغفار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٢
قال سهل : إذا أحب الله عبداً جعل ذنبه عظيماً في نفسه، وفتح له باباً من التوبة إلى رياض أنسه، وإذا غضب على عبد جعل ذنبه صغيراً في عينيه، فكلما أدبه لا يتعظ نسأل الله التوبة فلما استيأسوا منه يئسوا غاية اليأس بدلالة صيغة الاستفعال.
قال الكاشفي :(س آن وقت كه نوميد شدند از يوسف ودانستند كه برادررا بديشان نمى دهد) خلصوا اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم نجياً متناجين في تدبير أمرهم على أي صفة يذهبون، وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم.
قال في الكواشي جماعة يتناجون سراً، لأن النجي من تساره، وهو مصدر يعم الواحد والجمع والذكر والأنثى قال كبيرهم في السن وهو روبيل أو في العقل وهو يهوداً أو رئيسهم وهو شمعون، وكانت له الرياسة على أخوته كأنهم أجمعوا عند التناجي على الانقلاب جملة ولم يرض، فقال : منكراً عليهم ألم تعلموا أي قد علمتم يقيناً أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله عهداً وثيقاً، وهو حلفهم بالله وكونه من الله لأذنه فيه.
وقال الكاشفي :(وشما سوكند خوريد بمحمد آخر زمان كه درشان وى غدر نكنيد اكنون اين صورت واقع شد).
ومن قبل أي من قبل هذا وهو متعلق بالفعل الآتي.
ما مزيدة فرطتم في يوسف أي : قصرتم في شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم وقد قلتم وإنا لناصحون وإنا له لحافظون، فنحن متهمون بواقعة يوسف فليس لنا مخلص من هذه الورطة فلن أبرح الأرض ضمن معنى المفارقة فعدى إلى المفعول، أي لن أفارق أرض مصر ذاهباً منها فلن أبرح تامة لا ناقصة، لأن الأرض لا تحمل على المتكلم.
حتى يأذن لي أبي في العود إليه وكأن أيمانهم كانت معقودة على عدم الرجوع بغير إذن يعقوب.
أو يحكم الله لي بالخروج منها على وجه لا يؤدي إلى نقض الميثاق أو بخلاص أخي بسبب من الأسباب.
وهو خير الحاكمين إذ لا يحكم إلا بالحق والعدل.
قال الكاشفي :(وميل ومداهنه در حكم او نيست).
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٢
قال سهل : إذا أحب الله عبداً جعل ذنبه عظيماً في نفسه، وفتح له باباً من التوبة إلى رياض أنسه، وإذا غضب على عبد جعل ذنبه صغيراً في عينيه، فكلما أدبه لا يتعظ نسأل الله التوبة فلما استيأسوا منه يئسوا غاية اليأس بدلالة صيغة الاستفعال.
قال الكاشفي :(س آن وقت كه نوميد شدند از يوسف ودانستند كه برادررا بديشان نمى دهد) خلصوا اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم نجياً متناجين في تدبير أمرهم على أي صفة يذهبون، وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم.