وقرىء من روح الله بالضم أي من رحمته التي يحيى بها العباد.
إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون لعدم علمهم بالله وصفاته فإن العارف لا يقنط في حال من الأحوال، أي في الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى : إن مع العسر يسراً}(الشرح : ٥) فصنع الله عجيب وفرج الله قريب، وفي الحديث :"الفاجر الراجي أقرب إلى الله من العابد القانط" ـ ـ وروي ـ ـ أن رجلاً مات فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام مات ولي من أوليائي فاغسله، فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس في المزابل لفسقه، فقال موسى يا رب أنت تسمع مقالة الناس في حقه، فقال الله تعالى يا موسى إنه تشفع عند موته بثلاثة أشياء، لو سأل بها جميع المذنبين لغفرت، الأول أنه قال : يا رب أنت تعلم أني وإن كنت ارتكبت المعاصي بفعل الشيطان والقرين السوء ولكني كنت أكرهها بقلبي، والثاني أني وإن كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين كان أحب إلي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٩
والثالث لو استقلبني صالح وفاجر كنت أقدم حاجة الصالح.
وفي رواية وهب بن منبه قال : يا رب لو عفوت عني لفرح أنبياؤك وأولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتني لكان الأمر بالعكس ولا ريب أن فرح الأولياء أحب إليك من فرح الأعداء فارحمني وتجاوز عني قال الله تعالى فرحمته فإني غفور رحيم خاصة لمن أقر بالذنب.
فعلى العاقل أن لا يقنط من رحمة ربه فإنه تعالى
٣٠٩
يكشف الشدائد في الدنيا والآخرة ـ ـ حكى ـ ـ أن رجلاً بقي في جزيرة بلا زاد فقال بطريق اليأس :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
وصار القار كاللبن الحليب
فسمع قائلاً يقول :
عسى الكرب الذي أمست فيه
يكون وراءه فرج قريب
فلما نظر رأى سفينة فوصل بها إلى أهله.
قال في "التأويلات النجمية" في الآية إشارة إلى أن الواجب على كل مسلم أن يطلب يوسف قلبه وبنيمين سره، ولا ييأس أن يجد روح الله أي ريحه منهما بل من وجد قلبه وجد فيه ربه إذ هو سبحانه متجل لقلوب أوليائه المؤمنين وقد وعد الله بوجدانه الطالبين فقال :"ألامن طلبني وجدني" والسر فيه إن طلب الحق تعالى يكون بالقلب لا بالقالب ووجدانه أيضاً يكون في القلب كما قال موسى عليه السلام إلهي أين أطلبك؟ قال :"أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" أي من محبتي، وفي قوله :﴿إِنَّه لا يَا يْـاَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَـافِرُونَ﴾ إشارة إلى أن ترك طلب الله واليأس من وجدانه كفر انتهى.
وفي المثنوى :
كر كران وكر شتابنده بود
آنكه جويندست يا بنده بود
در طلب زن دائماً توهر دودست
كه طلب درراه نيكو رهبرست
لنك ولوك وخفته شكل بي أدب
سوى اومى غيثر واو رامى طلب
كه بكفت وكه بخاموشى وكه
بوي كردن كير هرسو بوي شه
كفت آن يعقوب با اولاد خويش
جستن يوسف كنيد از حد ببيش
هرخسى خودرا درين جستن بجد
هر طرف رانيد شكل مستعد
كفت از روح خدا لا تيأسوا
همو كم كرده سر رو سوبسو
ازره حس دهان رسان شويد
كوش را بر ار راه او نهيد
هركجا بوي خوش آيد بوبريد
سوى آن سركاشناى آن سريد
هر كجا لطفي ببيني ازكسى
سوى أصل لطف ره يابى عسى
اين همه خوشها زدر ياييست رف
جزوراً بكذار وبر كل دار طرف
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٩
فلما دخلوا عليه روي أن يعقوب أمر بعض أولاده فكتب بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر أما بعد فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء، أما جدي إبرهيم فإنه ابتلى بنار النمرود، فصبر وجعلها الله عليه بردا وسلاماً، وأما أبي إسحاق فابتلي بالذبح فصبر ففداه الله بذبح عظيم، وأما أنا فابتلاني الله بفقد ولدي يوسف فبكيت عليه حتى ذهب بصري ونحل جسمي، وقد كنت اتسلى بهذا الغلام الذي أمسكته عندك وزعمت أنه سارق، وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقاً، فإن رددته عليّ وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام (س نامه بفر زندان داد واندك بضاعتي ازشم وروغن وأمثال آن ترتيب نموده ايشانرا بمصر فرستاد ايشان بمصر آمده براد ريراكه آنجا بود ملاقات كردند وباتفاق روى بباركاه يوسف نهادند س آن هنكام در آمدند برادران
٣١٠
يوسف بروى) قالوا يا أيها العزيز أي : الملك القادر الغالب مسنا أصابنا وأهلنا وهم من خلفوهم الضر الفقر والحاجة وكثرة العيال وقلة الطعام.
وجئنا ببضاعة (وآورده ايم بضاعتي) مزجية (اندك وبى اعتبار) أي مردودة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقاراً لها من ازجيته إذا دفعته وطردته وكان بضاعتهم من متاع الأعراب صوفاً وسمناً، وقيل : هي الصنوبر والحبة الخضراء، وهي الفستق أو دراهم زيوف لا تؤخذ إلا بنقصانها فأوف لنا الكيل فأتم لنا الكيل الذي هو حقنا.


الصفحة التالية
Icon