﴿نُّوحِى إِلَيْهِم﴾ على لسان الملك كما نوحي إليك.
من أهل القرى من أهل الأمصار دون أهل البوادي لغلبة الجهل والقسوة والجفاء عليهم.
والمراد بالقرية الحضر خلاف البادية فتشمل المصر الجامع وغيره، أي ما يسمى بالفارسية (ده وشهر) لكنه فرق كثير بين المصر الجامع وغيره، ولذا قال عليه السلام : لا تسكنوا الكفور فإن ساكني الكفور ساكنوا القبور والكفور القرى واحدها كفر يريد بها القرى النائية البعيدة عن الأمصار ومجتمع أهل العلم لكون الجهل عليهم أغلب وهم إلى التبدع أسرع.
وفي المثنوى :
ده مرو ده مر درا أحمق كند
عقل را بي نور وبي رونق كند
قول بيغمبر شنو أي مجتبى
كور عقل آمد وطن درروستا
هركه دررستابود روزى وشام
تا بماهى عقل او نبود تمام
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣١
تابماهى احمقي با او بود
ازحشيش ده جزاينها ه درود
وانكه ماهى باشد اندر روستا
روز كارى باشدش جهل وعمى
فإن قيل : فما تقول في قوله تعالى : وجاء بكم من البدو.
قلنا لم يكن يعقوب وبنوه من أهل البادية بل خرجوا إليها لمواشيهم.
وفي التأويلات النجمية إن الرسالة لا تستحقها إلا الرجال البالغون المستعدون للوحي من أهل قرى الملكوت والأرواح لا من أهل المدائن الملك والأجساد ولذا قيل الرجال من القرى انتهى.
وفي المثنوى :
ده ه باشد شيخ واصل ناشده
دست در تقليد درحجت زده
يش شهر عقل كلي اين حواس
ون خران شم بسته در خراس
أفلم يسيروا في الأرض آياسير نمى كنند كافران درزمين شام ويمن وبرديار عادو تمود نميكذرند يعني بايدكه بكذرند) فينظروا (س به بينند بنظر عبرت).
كيف كان (ه كونه بود) عاقبة الذين من قبلهم من المشركين المكذبين الذين أهلكوا بشؤم إشراكهم وتكذيبهم فيحذروهم وينتهوا عنهم وإلا يحيق بهم مثل ما حاق بهم لأن التماثل في الأسباب يوجب التماثل في المسببات ولدار الآخرة (وهر آيينه سراي آخرت يعني بهشت ونعمت او) وهو من إضافة الموصوف إلى صفته واصله وللدار الآخرة، كما في قوله تعالى تلك الدار الآخرة}(القصص : ٨٣) (خير بهتراست از لذات فانيه دنيا) ﴿لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ تستعملون عقولكم لتعرفوا إنها خير.
ه نسبت اه سفلى را بنزهتكا روحاني
ه ماند كلخن تيره بكاشنهاى سلطاني
روى أن عيسى عليه السلام قال لأصحابه لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم، قالوا : ومن الموتى قال الراغبون في الدنيا والمحبون لها.
وقال بعض الصحابة رضي الله عنهم لصدر التابعين : إنكم أكثر أعمالاً واجتهاداً من أصحاب رسول الله وهم كانوا خيراً منكم، قيل ولم ذاك؟
٣٣٢
قال كانوا ازهد منكم في الدنيا وأرغب في الآخرة.
حتى إذا استيأس الرسل حتى غاية محذوف دل عليه الكلام أي لا يغررهم تمادي أيامهم، فإن من قبلهم امهلوا حتى أيس الرسل من النصر عليهم في الدنيا أو من إيمانهم لانهماكهم في الكفر مترفهين متمادين فيه من غير رادع.
وظنوا أنهم قد كذبوا بتخفيف الذال وبناء الفعل للمفعول، والمكذوب من كان مخاطباً بالكلام الغير المطابق للواقع حتى ألقى خبر كاذب، والمعنى وظنوا أنهم قد كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما وظنوا حين ضعفوا وغلبوا إنهم قد اخلفوا ما وعدهم الله من النصر، وقال كانوا بشراً وتلا قوله : وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله فأراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس في القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية دون ترجح أحد الجائزين على الآخر، لأن ذلك غير جائز على المسلمين فما بال رسل الله الذين هم أعرف الخلق بربهم وإنه متعال عن خلف الميعاد جاءهم نصرنا فجأة من غير احتساب، والمعنى أن زمان الإمهال قد تطاول عليهم حتى توهموا أن لا نصر لهم في الدنيا فجاءهم نصرنا بغتة بغير سبق علامة.
فنجى بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء.
من نشاء قائم مقام الفعل وهم الأنبياء والمؤمنون التابعون لهم، وإنما لم يعينهم للدلالة على أنهم الذين يستأهلون أن شأن نجاتهم لا يشاركهم فيه غيرهم ولا يرد بأسنا عذابنا عن القوم المجرمين إذا نزل بهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣١
قال في التأويلات النجمية : وفي قوله تعالى : إذا استيأس الرسول وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء إشارة إلى أن النصر كان للرسل منجياً من الابتلاء وللأمم المكذبة مهلكاً بالعذاب، ثم أكد هذا المعنى بقوله : ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين أي المكذبين.
والمعنى ويرد بأسنا عن القوم المطيعين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣١
﴿لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ﴾ الضمير للرسل وأممهم أي أخبارهم.
وقرىء بكسر القاف جمع قصة.
عبرة اسم من الاعتبار وهو الاتعاظ حقيقته تتبع الشيء بالتأمل لأولي الألباب لذوي العقول المبرأة من شوائب الإلف والركون إلى الحس.