﴿وفي الأرض خبر مقدم لقوله قطع جمع قطعة بالفارسية (اره) متجاورات أي بقاع متلاصقات بعضها طيبة تنبت شيئاً وبعضها سبخة لا تنبت وبعضها قليلة الريع وبعضها صلبة وبعضها كثيرة الريع وبعضها رخوة وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس ولولا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك لاشتراك تلك القطع وانتظامها في جنس الأرضية وجنات عطف على قطع أي : بساتين.
من أعناب جمع عنب بالفارسية (انكور) وسمت العرب العنب الكرم لكرم ثمرته وكثرة حمله وتذلله للقطف ليس بذي شوك ولا بشاق المصعد ويؤكل غضاً ويابساً وأصل الكرم الكثرة والجمع للخير، وبه سمى الرجل كرماً لكثرة خصال الخير فيه.
واعلم : أن قلب المؤمن لما فيه من نور الإيمان أولى بهذا الاسم، ولذا قال عليه السلام : لا يقولن أحدكم الكرم فإنما الكرم قلب
٣٤٠
المؤمن قال ابن الملك : سبب النهي أن العرب كانوا يسمون العنب وشجرته كرماً ؛ لأن الخمر المتخذة منه تحمل شاربها على الكرم، فكره النبي هذه التسمية لئلا يتذاكروا به الخمر ويدعوهم حسن الاسم إلى شربها، وجعل المؤمن وقلبه أحق أن يتصف به لطيبه وذكائه، والغرض منه تحريض المؤمن على التقوى وكونه أهلا لهذه التسمية.
وزرع بالرفع عطف على جنات وتوحيده لأنه مصدر في أصله.
ونخيل النخل والنخيل بمعنى واحد.
بالفارسية (خرما بنان).
صنوان نعت لنخيل جمع صنو وهي النخلة لها رأسان وأصلهما واحد أي نخلات يجمعهن أصل واحد.
وبالفارسية (ند شاخ ازيك اصل رسته) وفي الحديث : لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي وإن عم الرجل صنو أبيه قال في القاموس ما زاد في الأصل الواحد كل واحد منهما صنو، ويضم ويقال هو عام في جميع الشجر وغير صنوان ومتفرقات مختلفة الأصول، وفي الحديث : اكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فأطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر وحكى المسعودي أن آدم عليه السلام لما هبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيباً مودعة أصناف الثمر فيها.
منها عشرة لها قشر الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٠
ومنها عشرة لا قشر لها ولثمرها نوى الرطب والزيتون والمشمش والخوخ والأجاص والعناب الغبيراء والدوابق والزعرور والنبق.
ومنها عشرة لها قشر ولا نوى : التفاح والكمثرى والسفرجل والتين والعنب والأترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ، وهذا لا ينافي كون هذه الثمرات مخلوقة في الأرض كما لا يخفى.
يسقى المذكور من القطع والجنات والزرع والنخيل بماء واحد والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نام ونفضل بنون العظمة أي ونحن نفضل بعضها على بعض في الأكل في الثمر شكلاً وقدراً وطعماً ورائحة فمنها بياض وسواد وصغير وكبير وحلو ومر وحامض وجيد ورديىء وذلك أيضاً مما يدل على الصانع الحكيم وقدرته، فإن إنبات الأشجار بالثمار المختلفة الأصناف والأشكال والألوان والطعوم والروائح مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون إلا بتخصيص قادر مختار، لأنه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب لوجب في القياس أن لا يختلف الألوان والطعوم ولا يقع التفاضل في الجنس الواحد إذا نبت في مغرس واحد بماء واحد.
والأكل بضم الكاف وسكونها ما يتهيأ للأكل ثمراً كان أو غيره كقوله تعالى في صفة الجنة {أُكُلُهَا دَآاـاِمٌ﴾ (الرعد : ٣٥) فإنه عام في جميع المطعومات وإطلاق الثمر على الحب لا يصح إلا باعتبار التغليب فإن الثمر حمل الشجر على ما في "القاموس".
قال الكاشفي :(درتبيان آورده كه اين مثل بني آدم در اختلاف الوان واشكال وهيآات وأصوات باوجود آنكه در همه يكيست.
در مدارك كفته كه مثل اختلاف قلوبست در آثار وأنوار وأسرار وهردلي را صفتي وهر صفت را نتيجه دمي باشد موصوف بانكار واستكبار كه ﴿قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ (النحل : ٢٢) وباز دمي آرميده بذكر حضرت رورد كاركه ﴿وَتَطْمَـاـاِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الرعد : ٢٨).
٣٤١
ببين تفاوت ره كز كجاست تابكجا
قال بعض الكبار : العلم الحاصل لأهل الله كالماء، فإن الماء حياة الأشباح، والعلم حياة الأرواح واختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح والأشخاص، كاختلاف الماء في الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة، فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف بالله ومنه ملح أجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير، فإنه شاب اللطيفة العلمية عند مروروه عليها بما يكفيها ويغيرها عن لطفها الطبيعي.
قال الحافظ :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٠
اك وصافى شو واز اه طبيعت بدرآى
كه صفايي ندهد آب تراب آلوده
وقال في المولى الجامي :
نكته عرفان مجو از خاطر آلودكان
كهور مقصودرا دلهاي اك آمد صدف