وأخرج الطبراني أنه عليه السلام قال لفاطمة رضي الله عنها نبينا خير الأنبياء وهو أبوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطاً هذه الأمة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدي.
وروى أبو داود في سننه : أنه من ولد الحسن، وكان سر ترك الحسن الخلافةتعالى شفقة على الأمة فجعل الله القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة إليها من ولده ليملأ الأرض عدلاً وظهوره يكون بعد أن يكسف القمر في أول ليلة من رمضان وتكسف الشمس في النصف منه، فإن ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات والأرض عمره عشرون سنة وقيل أربعون ووجهه كوكب دريّ على خده الأيمن خال أسود ومولده بالمدينة المنورة، ويظهر قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس من مغربها بعشر سنين، وقبل ظهور المهدي أشراط وفتن.
قال الحافظ :
تو عمر خواه وصبوري كه رخ شعبده باز
هزار بازى ازين طرفه تر برانكيزد
٣٤٦
حفظنا الله وإياكم من الأكدار وجعلنا في خير الدار وحسن الجوار.
الله وحده يعلم ما تحمل كل أنثى أي حملها على أن ما مصدرية، والحمل بمعنى المحمول أو ما تحمله من الولدان ذكر أو أنثى تام أو ناقص حسن أو قبيح طويل أو قصير سعيد أو شقي ولي أو عدو جواد أو بخيل عالم أو جاهل عاقل، أو سفيه كريم، أو لئيم، حسن الخلق أو سيء الخلق إلى غير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة فما موصولة والعائد محذوف، كما في قوله : وما تغيض الأرحام وما تزداد أي : نقص جميع الأرحام وزيادتها، أو ما تغيضه وما تزداده فإن كلا من غاض وازداد يستعمل لازماً ومتعدياً.
يقال غاض الماء يغيض غيضاً إذا قل ونضب، وغاضه الله، ومنه قوله : تعالى : وغيض الماء ويقال زدته فزاد بنفسه وازداد وأخذت منه حقي وازددت منه كذا فإن كان لازماً فالغيوض والزيادة لنفس الأرحام في الظاهر، ولما فيها في الحقيقة وإن كان متعدياً فهماتعالى وعلى كلا التقديرين فالإسناد مجازي، والأرحام جمع رحم وهو مبيت للولد في البطن ووعاؤه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٢
واعلم أن رحم المرأة عضلة وعصب وعروق ورأس عصبها في الدماغ، وهي على هيئة الكيس ولها فم بإزاء قبلها، ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة وفيها قوة الإمساك لئلا ينزل من المنى شي وقد أودع الله في ماء الرجل قوة الفعل، وفي ماء المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير مني الرجل كالأنفحة الممتزجة.
باللبن واختلفوا فيا تغيضه الأرحام وما تزداده، فقيل هو جثة الولد فإنه قد يكون كبيراً وقد يكون صغيراً وقد يكون تام الأعضاء وقد يكون ناقصا، وقيل هو مدة ولادته فإن أقلها ستة أشهر عند الكل وقد تكون تسعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند أبي حنيفة، وإلى أربع عند الشافعي وإلى خمس عند مالك روى أن الضحاك بن مزاحم التابعي مكث في بطن أمه سنتين وأن مالكاً مكث في بطن أمه ثلاث سنين على ما في المحاضرات للجلال السيوطي وأخبر مالك إن جارة له ولدت ثلاثة أولاد في اثنتي عشرة سنة تحمل أربع سنين وهرم بن حبان بقي في بطن أمه أربع سنين ولذلك تسمى هرماً.
وعن الحسن : الغيوضة أن تضع لثمانية أشهر أو أقل من ذلك والازدياد أن تزيد على تسعة أشهر.
وعنه الغيض الجنين الذي يكون سقطاً لغير تمام والازدياد ما ولد لتمام.
وفي إنسان العيون وقع الاختلاف في مدة حمله فقيل : بقي في بطن أمه تسعة أشهر كملاً، وقيل : عشرة أشهر، وقيل : ستة أشهر، وقيل : سبعة أشهر، وقيل : ثمانية أشهر فيكون ذلك آية كما أن عيسى عليه السلام ولد في الشهر الثامن كما قيل به، مع نص الحكماء والمنجمين على أن من يولد في الشهر الثامن لا يعيش، بخلاف التاسع والسابع والسادس الذي هو أقل مدة حمل.
وقد قال الحكماء في بيان سبب ذلك : أن الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته في الشهر السادس، فإن خرج عاش وإن لم يخرج استراح في البطن عقيب تلك الحركة المضنية له فلا يتحرك في الشهر الثامن ولذلك نقل حركته في البطن في ذلك الشهر فإذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه.
وفي كلام الشيخ محيي الدين ابن العربي قدس سره : لم أر للثمانية صورة في نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد في الشهر الثامن يموت ولا يعيش، وعلى فرض أن يعيش يكون معلولاً لا ينتفع بنفسه، وذلك
٣٤٧
لأن الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت انتهى.
وقيل : هو عدة الولد فإن الرحم قد يشتمل على ولد واحد وعلى اثنين وثلاثة وأربعة روى أن شريكاً التابعي وهو أحد فقهاء المدينة كان رابع أربعة في بطن أمه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٢


الصفحة التالية
Icon