وقال الشافعي : أخبرني شيخ باليمن أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة، وقيل هو دم الحيض فإنه يقل ويكثر، وقيل : غيض الأرحام الحيض على الحمل فإذا حاضت المرأة الحامل كان نقصاناً في الولد لأن دم الحيض غذاء الولد في الرحم فإذا أهراقت الدم ينتقص الغذاء فينتقص الولد وإذا لم تحض يزداد الولد ويتم، فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم.
وكل شي عنده تعالى بمقدار (باندازه است كه ازان زياده وكم نشود).
وفي بحر العلوم مقدر مكتوب في اللوح معلوم قبل كونه قد علم حاله وزمانه ومتعلقه.
وفي التبيان أي بحد لا يجاوزه من رزق وأجل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٢
﴿عَـالِمُ الْغَيْبِ﴾ خبر مبتدأ محذوف واللام للاستغراق أي هو تعالى عالم كل ما يطلق عليه اسم الغيب وهو ما غاب عن الحس فيدخل فيه المعلومات والأسرار الخفية والآخرة.
قال بعضهم : ما ورد في القرآن من إسناد علم الغيب إلى الله تعالى إنما هو بالنسبة إلينا إذ لا غيب بالنسبة إلى الله تعالى.
وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم : لما سقطت جميع النسب والإضافات في مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية فانتفى العلم بالغيب، يعني : بهذا الاعتبار وأما باعتبار التعينات، وإثبات الوجودات في مرتبة الصفات وهي مرتبة الذات الواحدية فالعلم على حاله فافهم.
برو علم يك ذره وشيده نيست
كه يدا ونهان بنزدش يكيست
والشهادة أي : كل ما يطلق عليه اسم الشهادة وهو ما حضر للحس فيدخل فيه الموجودات المدركة والعلانية والدنيا.
الكبير العظيم الشأن الذي لا يخرج عن علمه شيء المتعال المستعلي على كل شيء بقدرته.
وفي الكواشي : عن صفات المخلوقين وقول المشركين.
وفي التأويلات الله يعلم ما تحمل كل أنثى ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته لأنه أودعه فيها وقال : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم.
قال الشاعر :
ففي كل شيء له آية
تدل على إنه الواحد
وقال :
جهان مرآت حسن شاهد ماست
فشاهد وجهه في كل ذرات
وأيضاً يعلم ما أودع فيها من الخواص والطبائع وما تغيض الأرحام أرحام الموجودات وأرحام المعدومات، أي وما تغيض من المقدرات أرحام الموجودات بحيث تبقى في الأرحام ولا تخرج منها وما تزداد أي وما تخرج منها وكل شيء عنده بمقدار أي : وكل شيء مما يخرج من أرحام الموجودات والمعدومات وما يبقي، فيها عند علمه وحكمته بمقدار معين موافق لحكمة خروج ما خرج وبقاء ما بقى لأنه عالم الغيب والشهادة أي عالم بما غاب عن الوجود والخروج بحكمته وبما شاهد في الوجود والخروج الكبير المتعال في ذاته وإحاطة علمه بالموجودات والمعدومات وبما في أرحامهما المتعال في صفته بأنه متفرد بها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٨
وفي شرح الأسماء الحسنى الكبير هو ذو الكبرياء،
٣٤٨
والكبرياء عبارة عن كمال الذات، وأعني بكمال الذت كمال الوجود، وكمال الوجود يرجع إلى شيئين أحدهما دوامه أزلاً وأبداً وكل موجود مقطوع بعدم سابق أو لاحق فهو ناقص، ولذلك يقال للإنسان إذا طالت مدة وجوده إنه كبير أي كبير السن طويل مدة البقاء، ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم وإن كان ما طالت مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيراً، فالدائم الأزلي الأبدي الذي يستحيل عليه العدم أولى بأن يكون كبيراً، والثاني أن وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه وجود كل موجود فإن كان الذي تم وجوده في نفسه كاملاً وكبيراً، فالذي فاض منه الوجود لجميع الموجودات أولى بأن يكون كاملاً كبيراً، والكبير من العباد هو الكامل الذي لا يقتصر عليه صفات كمال، بل ينتهي إلى غيره ولا يجالسه أحد إلا ويفيض عليه من كماله شيء، وكمال العبد في عقله وورعه وعلمه، فالكبير هو العالم التقي المرشد للخلق الصالح لأن يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيماً في ملكوت السماء، والمتعال بمعنى العلي إلا أن فيه نوع مبالغة وهو الذي لا رتبة فوق رتبته، والعبد لا يتصور أن يكون علياً مطلقاً، إذ لا ينال درجة إلا ويكون في الوجود ما هو فوقها وهي درجات الأنبياء والملائكة، نعم يتصور أن ينال درجة لا يكون في جنس الأنس من يفوقه وهي درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالإضافة إلى العلو المطلق لأن علوه بالإضافة إلى بعض الموجودات والآخر علوه بالإضافة إلى الموجودات لا بطريق الوجوب، بل يقارنه إمكان وجود إنسان فوقه فالعلي المطلق هو الذي له الفوقية لا بالإضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجد الذي يقارنه إمكان نقيضه.