قال بعض السلف : إذ احتضر المؤمن يقال للملك : شم رأسه فيقول : أجد في رأسه القرآن فيقال : شم قلبه فيقول أجد في قلبه الصيام فيقال : شم قدميه فيقول أجد في قدميه القيام فيقال حفظ نفسه حفظه الله إن الله لا يغير ما بقوم من العافية والنعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم حتى يتركوا الشكر وينقلبوا من الأحوال الجميلة إلى القبيحة.
٣٥٠
كرت هواست كه معشوق نكسلد يوند
نكاه دار سر رشته تانكه دارد
وفي التأويلات النجمية : إن الله لا يغير ما بقوم من الوجود والعدم حتى يغيروا ما بأنفسهم باستدعاء الوجود والعدم بلسان الاستحقاق للوجود والعدم على مقتضي حكمته ووفق مشيئته انتهى.
وفي الآية : تنبيه لجميع الناس ليعرفوا نعمة الله عليهم ويشكروا له كيلا تزول، فدوران اللسان بالذكر والجنان بالفكر من الأمور الجميلة، فإذا تحول المرء من الذكر إلى النسيان فقد تحول إلى الحالة القبيحة، فإذا لا يجد من الفيض الإلهي ما يجده قبل وقد غير الله بشؤوم المعصية أشياء كثيرة غير إبليس وكان اسمه عزازيل فسماه إبليس.
قال إبراهيم بن أدهم مشيت في زرع إنسان فناداني صاحبه يا بقر فقلت غير اسمي بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتي، وكذا غير اسمي هاروت وماروت وكان اسمهما قبل اقتراف الذنب عزلا وعزايا، وكذا غير لون حام بن نوح إذ نظر إلى عورة أبيه وكان نائماً فأخبر نوح بذلك فدعا عليه فسوده الله فالهند والحبشة من نسله، وقيل إن نوحاً قال لأهل السفينة وهي تطوف بالبيت العتيق إنكم في حرم الله وحول بيته لا يمس أحد امرأة وجعل بينهم وبين النساء حاجزاً فتعدى ولده حام ووطىء زوجته فدعا الله عليه بأن يسود لون بنيه فأجاب الله دعاءه، وغير الصورة على داود بزلة واحدة وغير الصورة على قوم موسى لأخذهم الحيتان فصيرهم قردة، وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير وغير المال والبساطين على آل القطروس حيث منعوا الناس عنها فأحرقتها نار، وكذلك هلاك أموال القبط بدعاء موسى ربنا اطمس على أموالهم}(يونس : ٨٨) الآية فصار ماؤهم دماً وأموالهم حجراً وغير العلم على أمية بن أبي الصلت، كان نائماً فأتاه طائر وأدخل منقاره في فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه، وكان من بلغاء قريش وكان يرجو أن يكون هو نبي آخر الزمان أو وعد الإيمان به، فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلّم أنكره وغير المكان على آدم بزلة واحدة وخسف بقارون الأرض حيث منع الزكاة.
قال الحافظ :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٩
كنج قارون كه فروميرود از قهر هنوز
خوانده باشى كه هم ازغيرت درويشانست
وغير اللسان على رجل بسبب العقوق، نادته والدته فلم يجبها فصار أخرس، وغير الإيمان على برصيصا بعد ما عبد الله مائتين وعشرين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين لأنه لم يشكر يوماً على نعمة الإسلام.
شكر نعمت نعمتت افزون كند
كفر نعمت از كفت بيرون كند
﴿لَه مُعَقِّبَـاتٌ مِّنا بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ وهلاكاً فلا مرد له فلا ردّ له، والعامل في إذا ما دل عليه، قوله فلا مرد له وهو لا يرد، وإذا عند نحاة البصرة حقيقة في الظرف وقد تجيء للشرط من غير سقوط معنى الظرف، نحو إذا قمت، قمت، أي : أقوم وقت قيامك تعليقاً لقيامك بقيامة بمنزلة تعليق الجزاء بالشرط ودخوله، إما في أمر كائن متحقق في الحال نحو
إذا أرى الدنيا وأبناءها
استعصم الرحمن من شرها
أوامر منتظر لا محالة مثل إذا وقعت الواقعة}(الواقعة : ١) و﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ (التكوير : ١) فهي ترد الماضي إلى المستقبل لأنها حقيقة في الاستقبال وعند الكوفيين يجيء للظرف والشرط نحو
وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
٣٥١
ونحو :
وإذا تصبك خصاصة فتحمل
﴿وَمَا لَهُم﴾ أي : لمن أراد تعالى إهلاكه من دونه سوى الله تعالى من وال ممن يلي أمرهم ويدفع عنهم السوء.
والوالي من أسماء الله تعالى وهو من ولي الأمور وملك الجمهور والولاية تنفيذ القول على الغير شاء الغير أوأبي.
وفيه دليل على أن خلاف مراد الله محال فإنه المتفرد بتدبير الأشياء المنفذ للتدبير ولا معقب لحكمه.
هو تعالى وحده.
الذي يريكم البرق هو الذي يلمع من السحاب من برق الشيء بريقاً إذا لمع.
خوفاً أي : إرادة خوف أو إخافة من الصاعقة وخراب البيوت وطمعاً أي إرادة طمع أو إطماعاً في الغيب ورجاء بركته وزوال المشقة، والمطر يكون لبعض الأشياء ضرراً ولبعضها رحمة فيخاف مه المسافر ومن في خزينته التمر والزبيب ومن له بيت لا يكف ويطمع فيه المقيم وأهل الزرع والبساتين، ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر فإن انتفاعهم إنما هو بالنيل وبالمطر يحصل الوطر.


الصفحة التالية
Icon