جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٢
فرو ماند كانرا برحمت قريب
تضرع كنانرا بدعوت مجيب
والذين يدعون من دونه أي والأصنام الذين يدعونهم الكفار متجاوزين الله في الدعاء إلى الأصنام فحذف الراجع، أو والكفار الذين يدعون الأصنام من دونه تعالى فحذف المفعول لا يستجيبون أي : لا يجيب الأصنام وضمير العقلاء لمعاملتهم إياها معاملة العقلاء.
لهم أي : الكفار بشيء من مراداتهم إلا كباسط كفيه إلى الماء استثناء مفرغ من أعم عام المصدر أي إلا استجابة مثل استجابة مادٍ يديه، أي : كاستجابة الماء من بسط كفيه إليه.
قال الكاشفي :(مكر همون اجابت كسى كه بكشاده هرد وكف خودار بسوى آب يعني تشنه كه بر سر اهى رسد وبا و دلو رسنى نبود هردودست خود بسوى اه بكشايد وبفرياد وزارى آب رامي طلبد).
ليبغ فاه (تا بدهن او برسد).
أي : يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده ليصل إلى فمه فاللام متعلق بباسط ففاعل يبلغ هو الماء وما هو أي : الماء ببالغه ببالغ فيه لأنه جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه وحاجته إليه ولا يقدر على نفعهم، والتشبيه من المركب التمثيلي شبه حال الأصنام مع من دعاءهم من المشركين وهو عدم استجابتهم دعاء المشركين وعدم فوز المشركين من دعائهم الأصنام شيئاً من الاستجابة والنفع بحال الماء الواقع بمرأى من العطشان الذي يبسط إليه كفيه يطلب منه، أي يبلغ فاه وينفعه من احتراق كبده ووجه الشبه عدم استطاعة المطلوب، منه إجابة الدعاء وخيبة الطالب عن نيل ما هو أحوج إليه من المطلوب وهذا الوجه كما ترى منتزع من عدة أمور.
وما دعاء الكافرين يعني لأصنامهم إلا في ضلال في ضياع وخسار وباطل، لأن الآلهة لا تقدر على إجابتهم وأما دعاؤهم له تعالى فالمذهب جواز استجابته كما في كتب الكلام والفتاوى، وقد أجاب الله دعاء إبليس وغيره ألا ترى أن فرعون كان يدعو الله في مكان خال عند نقصان النيل فيستجيب الله دعاءه ويمده فإذا كان الله لا يضيع دعاء الكافرين فما ظنك بالمؤمن، والماء وإن كان من طبعه التسفل ولكن الله تعالى إذا أراد يحركه من المركز إلى جانب المحيط على خلاف طبعه بطريق خرق العادة كما وقع لبعض أولياء الله تعالى فإنهم لوصولهم إلى المسبب قد لا يحتاجون إلى الأسباب حكي عن الشيخ أبي عبد الله بن حفيف رضي الله عنه قال : دخلتُ بغداد قاصداً الحج وفي رأسي نخوة الصوفية، يعني : حدة الإرادة وشدة المجاهدة وإطراح ما سوى الله
٣٥٥
تعالى، قال : ولم آكل أربعين يوماً، ولم أدخل على الجنيد وخرجت ولم أشرب وكنت على طهارتي فرأيت ظبيا في البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشان فلما دنوت من البئر ولى الظبي، وإذا الماء في أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدي مالي عندك محل هذا الظبي، فسمعت من خلفي يقال : جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء إن الظبي جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فإذا البئر ملآن فملأت ركوتي فكنت أشرب منها وأتطهر إلى المدينة ولم ينفد الماء، فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد عليّ، قال : لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٢
والإشارة في الآية : أن الله تعالى دعاة يدعون الخلق بالحق إلى الحق والذين يدعون لغير الحق لا يقبلون النصح إذا خرج من القلب الساهي ولا يتأثر، فهم كمن بسط يده إلى الماء إراءة للخلق بأن يريد شربه وما هو ببالغه أي فمه فلا حصل الشرب على الحقيقة وإن توهم الخلق أنه شارب وهذا مثل ضربه الله للدعاة من أهل الأهواء والبدع يدعون الخلق إلى الله لغير الله فلا يستجابون على الحقيقة وإن استجيبوا في الظاهر لأنهم استجابوا لهم على الضلال يدل عليه قوله : وما دعاء الكافرين إلا في ضلال الخلق عن الحق كما في التأويلات النجمية.
ترسم نرسى بكعبه أي أعرابي
كاين ره كه توميروي بتركستانست
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٢
﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ﴾ حقيقة وهو بوضع الجبهة على الأرض.
من في السموات يعني الملائكة وأرواح الأنبياء والأولياء وأهل الدرجات من المؤمنين.
والأرض من الملائكة والمؤمنين من الثقلين طوعاً حال أي طائعين حالتي الشدة والرخاء وكرها أي : كارهين حالة الشدة والضرورة وذلك من الكافرين والمنافقين والشياطين، ويقال من ولد في الإسلام طوعاً ومن سبى من دار الحرب كرهاً، وفي الحديث : عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل وفيه إشارة إلى أن من أهل المحبة والوفاء من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلباً للقيام بالخدمة فتوضع في أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة.
قال الكمال الخجندي :
نيست ما راغم طوبى وتمناي بهشت
شيوه مردم نا اهل بودهمت ست