من الأخلاق الذميمة النفسانية والصفات البهيمية الحيوانية وانزل من سماء الأرواح ماء مشاهدات أنوار الجمال فسالت أودية القلوب بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً من أنانية الروحانية وانزل من سماء الجبروت ماء تجلى صفة الألوهية فسالت أودية الأسرار بقدرها فاحتمل السيل زبد الوجود المجازي.
قال في المثنوى :
ون تجلى كرد اوصاف قديم
س بسوزد وصف حادث را كليم
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٩
﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ﴾ خبر مقدم لقوله الحسنى أي للمؤمنين الذين أجابوا في الدنيا إلى ما دعا الله إليه من التوحيد والطاعة المثوبة الحسنى في الآخرة، وهي الجنة وسميت بذلك لأنها في نهاية الحسن لكونها من آثار الجمال الصفاتي، وأما الأحسن فهو الله تعالى وحسنه الأزلي من ذاته لا من غيره فقد علم من هذا أن الداعي إلى الحسنى هو الله تعالى والمجيب إلى تلك الدعوة الإلهية هو المؤمنون، والجنة ونعيمها هي الضيافة العظمى وقد ورد اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
قال بعض الكبار : من أحب رؤية الله أحب الجنة لأنها محلها.
يقول الفقير : فيه تصريح بأن الجنة محل الرؤية لا محل الله تعالى حتى يلزم إثبات المكان له ولا يلزم من كونها محل الرؤية كونها محله تعالى لأن التقيد بالمكان حال الرائي لا حال المرئي والدنيا والآخرة سواء بالنسبة إلى الرائي كما أنهما سيان بالنسبة إلى المرئي إذ لو رؤي في الدنيا بحسب ارتفاع الموانع لكان لا يضر إطلاقه وتنزهه، وكذا لو رؤي في الجنة وقد ثبت أن رسول الله رآه في الدنيا فجعلت الدنيا ظرفاً لرؤيته مع أن الله تعالى على تنزهه الأزلي وإذا عرفت هذا عرفت ضعف قول الفقهاء لو قال أرى الله في الجنة يكفر لأنه يزعم أن الله تعالى في الجنة والحق أن يقال نرى الله في الجنة انتهى قولهم.
مجرد ابيش ز اطلاق وتقييد
اكر جلباب هستى راكنى شق
والذين لم يستجيبوا له وهم الكافرون بالله الخارجون عن الطاعة وهو مبتدأ خبره قوله لو أن لهم (اكر باشد مرايشانرا) ما في الأرض جميعاً من نقودها وأمتعتها وضياعها ومثله معه وضعفه معه (يعني آن قدركه نقود وأقمشه ديني هست باآن اضافت كنند وهمه در تصرف كافران باشد روز قيامت) لافتدوا به جعلوه فداء أنفسهم من العذاب ولو فادوا به لا يقبل منهم.
يقول الفقير : سر هذا أنهم بسبب الدنيا غفلوا عن الله تعالى وحين الانتباه بالموت والبعث صغر في أعينهم الدنيا وما فيها فلو قدروا لبذلوا الكل وأخذوا الله تعالى بدلاً منه فقد قصروا في وقت القبول وتمنوا ما تمنوا حين لا درهم ولا دينار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦١
مده براحت فإني حيات باقي را
بمحنت دوسه روز ازغم ابد بكريز
أولئك (آن كروه) لهم سوء الحساب هو المناقشة بأن يحاسب الرجل بذنبه ولا يغفر منه شيء.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال : ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك قلت أو ليس يقول الله فسوف يحاسب حساباً يسيراً}(الإنشقاق : ٨) فقال :"إنما ذلك العرض ولكن من نوقش في الحساب يهلك" والمناقشة الاستقصاء في الحساب بحيث لا يترك
٣٦١
منه شيء يقال ناقشه الحساب إذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلاً ولا كثيراً، ومعنى الحديث أن المناقشة في الحساب وعدم المسامحة مفض إلى الهلاك ودخول النار ولكن الله يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء.
قال النووي : وهذا لمن لم يحاسب نفسه في الدنيا فيناقش بالصغيرة والكبيرة فأما من تاب وحاسب نفسه فلا يناقش كما في "الفتح القريب".
نريزد خدا آب روى كسى
كه ريزد كناه آب شمش بسى
﴿وَمَأْوَاـاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ مرجعهم بعد المناقشة جهنم.
فإن قلت : هلا قيل مأواهم النار.
قلت : لأن في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً ويحتمل أن يكون جهنم هي أبعد النار قعراً من قولهم بئر جهنم بعيدة القعر.
قال بعضهم : جهنم معرب وكأنه في الفرس (ه نم) وبئس المهاد (وبد جايكاهست دوزخ) وهو بمعنى الممهود المبسوط يقال مهدت الفراش مهداً أي بسطته، أطلق ههنا بمعنى المستقر مطلقاً أي بئس موضع القرار جهنم وروى أحمد أنه عليه السلام قال لجبريل مالي لا أرى ميكائيل ضاحكاً فقال : ما ضحك منذ خلقت النار وروى أن موسى عليه السلام ناجى ربه فقال يا رب خلقت خلقاً وربيتهم بنعمتك ثم تجعلهم يوم القيامة في نارك قال في المثنوى :
مستفيدي اعجمي شد آن كليم
تا عجميا نرا كند زين سر عليم
فأوحى الله تعالى إليه آن يا موسى قم فازرع زرعاً فزرعه فسقاه وقام عليه وحصده وداسه فقال له : ما فعلت بزرعك يا موسى قال قد رفعته قال : فما تركت منه شيئاً قال : يا رب تركت ما لا خير فيه قال يا موسى : فإني أدخل النار ما لا خير فيه وهو الذي يستنكف أن يقول لا إله إلا الله وفي المثنوى.
ونكه موسى كشت وشد كشتش تمام
خوشهايش يافت خوبى ونظام
داس بكرفت ومران را مى بريد
س ندا ازغيب دركوشش رسيد
كه را كشتى كنى ورورى


الصفحة التالية
Icon