وفي التأويلات النجمية وهو عذاب البعد والحجاب والغفلة والجهل وعذاب عبودية النفس والهوى والدنيا وشياطين الجن والأنس ولعذاب الآخرة أشق أشد وأصعب لدوامه وهو عذاب النار وعذاب نار القطيعة وألم البعد وحسرة التفريط في طاعة الله تعالى وندامة الإفراط في الذنوب والمعاصي والحصول على الخسارات والهبوط من الدرجات ونزول الدركات وما لهم من الله أي من عذابه من واق حافظ ومانع حتى لا يعذبوا.
من الثانية زائدة والأولى متعلقة بواق.
وفي التأويلات وما لهم من الله من خذلان الله في الدنيا وعذاب الله في الآخرة من واق يقيهم من الخذلان والعذاب وفي حديث المعراج ثم أتى على واد فسمع صوتاً منكراً فقال يا جبريل ما هذا الصوت قال صوت جهنم تقول يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وغسليني وقد بعد قعري واشتد حرى ائتني بما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قالت رضيت كما في الترغيب والترهيب.
وكان ابن مرثد لا تنقطع دموع عينيه ولا يزال باكياً فسئل عن ذلك فقال لو أن الله أوعدني بأني لو أذنبت لحبسني في الحمام أبداً لكان حقيقاً على أنها لا تنقطع دموعي، فكيف وقد أوعدني بأن يحبسني في نار قد أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت ثم أخرى حتى أبيضت ثم أخرى
٣٨٠
حتى اسودت فهي سوداء مظلمة كالليل المظلم، فهذه حال المعذب بالنار الصغرى وأما المعذب بالنار الكبرى وهي نار القطيعة والهجر فحاله أشد وأعظم.
بررخ جامى بودبي رويت ازدوزخ درى
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٠
كرز روضه خازن اندر قبر او روزن كند
نسأل الله العصمة والتوفيق لطريق الحق والتحقيق.
مثل الجنة التي وعد المتقون من الشرك والمعاصي وهو مبتدأ خبره محذوف أي فيما قصصنا عليك مثل الجنة أي صفتها التي هي كالمثل السائر في الغرابة تجري من تحتها الأنهار حال من العائد المحذوف من الصلة والتقدير وعد بها المتقون مقدراً جريان أنهارها أربعة من تحت أشجارها بمقابلة المراتب الأربع التي هي الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة وتعطى هذه الأنهار على الكمال لمن جمع بين هذه المراتب الأربع وهم المقربون وأما غيرهم من الأبرار وأرباب البرازخ فإنهم وإن كانوا يشربون منها لكنهم لا يجدون فيها ما يجده أولئك المقربون من زيادة اللذة لتفاوت معرفتهم بالله.
هر كسى از همت والاي خويش
سود برد در خور كالاي خويش
أكلها (ميوه آن بستان).
قال في الكواشي ما يؤكل فيها دائم لا ينقطع ولا يمنع منه بخلاف ثمر الدنيا.
وظلها أي : وظلها دائم لا ينسخ كما ينسخ في الدنيا بالشمس لأنه لا شمس في الجنة ولا حر ولا برد فالمراد بدوام الظل دوام الاستراحة، وإنما عبر عنه به لندرة الظل عند العرب وفيه معظم استراحاتهم في أرضهم، والمراد بدوام الأكل الدوام بالنوع لا الدوام بالجزء والشخص فإنه إذا فني منه شيء جيء ببدله وهذا لا ينافي الهلاك لحظة كما قال تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه}(القصص : ٨٨) على أن دوامه مضاف إلى ما بعد دخول الجنة كما يقتضيه سوق الكلام فهلاكه لحظة عند هلاك كل شيء قبل الدخول لا ينافي وجوده وبقاءه بعده.
وفي الآية رد على الجهمية حيث قالوا إن نعم الجنة يفنى ومن مقالات لبيد قبل إسلامه.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل
ولما أنشده في مجلس من قريش وقال :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
قال عثمان بن مظعون رضي الله عنه صدق ولما قال :
وكل نعيم لا محالة زائل
قال : كذبت لما فهم أنه أراد بالنعيم ما هو شامل لنعيم الآخرة (أمام قشيري فرموده كه اهل ايمان امروز در ظل رعايتند وفردا در ظل حمايت وعارفان بدنيا وعقبى در ظل عنايت كه يوسته است)
سايه دولت او در دوجهان جاويدست
اي خوش آن بنده كه اين سايه فتدبر سراو
﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ﴾ التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها عقبى الذين اتقوا مآلهم وعاقبة أمرهم وعقبى الكافرين النار لا غيره فالتقوى طريق إلى الجنة والكفر طريق إلى النار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٠
والإشارة : أن الله تعالى يشير إلى حقيقة أمر الجنة التي وعدها للمتقين ووصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار وهي أنهار الفضل والكرم ومياه العناية والتوفيق أكلها دائم وهي مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال وظلها أي وهم في ظل هذه المقامات والأحوال التي هي من وجوده لا من شمس وجودهم على الدوام بحيث لا تزول أبداً وتلك الأحوال والمقامات عاقبة من اتقى
٣٨١
بالله عما سواه وعاقبة من أعرض عن هذه المقامات والأحوال نار القطيعة والحسرة كما في التأويلات النجمية.
وفي المثنوى :
جور دوران وهرآن رنجى كه هست
سهلتر از بعد حق وغفلتست
زانكه اينها بكذرد آن نكذرد
دولت آن دارد كه جان آكه برد