قال الامام الفخر الرازي في الكبير وقد بلغ شرف العبودية مبلغاً بحيث اختلف العلماء في العبودية والرسالة المستجمعين في المرسلين أيهما أفضل فقالوا إن العبودية أفضل واستدلوا عليه بأنه بالعبودية ينصرف من الخلق إلى الحق وبالرسالة ينصرف من الحق إلى الخلق والعبودية أن يكل أموره إلى سيده فيكون هو المتكفل تعالى باصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الأمة وشتان ما بينهما هذا آخر كلامه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٢
والعبودية هي مقام الجمع، والرسالة مقام التفرقة، انظر إلى النبي كان في تمحض عبوديته مع ربه كما أخبر عنه أبيت عند ربي هو يطعمني ويسقيني وفي حال رسالته يقول : علميني يا حميراء لينقطع من الحق إلى الخلق وكفى شرفاً تقديم العبد على الرسول في أشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وفي العبودية معنى الكرامة والتشريف كما قال : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}(الحجر : ٤٢).
قال الحافظ :
كدايىء ذرجانان بسلطنت مفروش
كسى ز سايه اين در بآفتاب رود
وعن علي رضي الله عنه كفاني شرفاً أن تكون لي رباً، وكفاني عزاً أن أكون لك عبداً وكما أن الله تعالى هو خالق العبد فكذا لا جاعل للعبد عبداً وذلك برفع هواه إلا هو، ألا ترى إلى قوله تعالى :[النساء : ٤٩-٤]﴿بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ﴾ ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ﴾ (النور : ٢١) أبداً ﴿لا يَمَسُّه إِلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة : ٧٩) فإن المطهر بالكسر في الحقيقة هو الله تعالى
٣٨٣
وما سواه أسباب ووسائط.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٢
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِّن قَبْلِكَ﴾ بشراً مثلك يا محمد وهو جواب لقول قريش إن الرسول لا بد وأن يكون من جنس الملائكة وجعلنا لهم أزواجاً وذرية أي نساء وأولادا كما هي لك فلما جاز ذلك في حقهم فلم لا يجوز مثله أيضاً في حقك، وهو جواب لقول اليهود ما نرى لهذا الرجل همة إلا في النساء والنكاح ولو كان نبياً لاشتغل بالزهد والعبادة روى أنه كان لداود عليه السلام مائة امرأة منكوحة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وسبعمائة سرية فكيف يضر كثرة الأزواج لنبينا عليه السلام.
وفي التأويلات النجمية أن الرسل لما جذبتهم العناية في البداية رقتهم من دركات البشرية الحيوانية إلى درجات الولاية الروحانية ثم رقتهم منها إلى معارج النبوة والرسالة الربانية في النهار فلم يبق فيهم من دواعي البشرية وأحكام النفسانية ما يزعجهم إلى طلب الأزواج بالطبيعة والركون إلى الأولاد بخصائص الحيوانية بل جعل لهم رغبة في الأزواج والأولاد على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة في إظهار صفة الخالقية كما قال تعالى : أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون}(الواقعة : ٥٩) انتهى.
وقال الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" : الأنبياء زيدوا في القوة بفضل نبوتهم وذلك إن النور إذا امتلأت منه الصدور ففاض في العروق التذت النفس والعروق فأثار الشهوة وقواه انتهى.
وفي الحديث :"فضلت على الناس بأربع بالسخاء والشجاعة وقوة البطش وكثرة الجماع" وطاف عليه السلام على نسائه التسع ليلة، وتطهر من كل واحدة قبل أن يأتي الأخرى وقال هذا أطيب وأطهر وأوتى عليه السلام قوة أربعين رجلاً من أهل الجنة في الجماع وقوة الرجل من أهل الجنة كمائة من أهل الدنيا فيكون أعطى عليه السلام قوة أربعة آلاف رجل، وسليمان عليه السلام قوة مائة رجل وقيل ألف رجل من رجال الدنيا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٤
قال في "إنسان العيون" لا يخفى أن أزواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة وكان له أربع سراري.
وفي "بستان العارفين" ما تزوج من النساء أربع عشرة نسوة.
وفي "الواقعات المحمدية" إن فخر الأنبياء عليه وعليهم السلام قد تزوج إحدى وعشرين امرأة ومات عن تسع نسوة، قال سفيان بن عيينة كثرة النساء ليست من الدنيا لأن علياً رضي الله عنه كان أزهد أصحاب النبي عليه السلام، وكان له أربع نسوة وسبع عشرة سرية وتزوج المغيرة بن شعبة ثمانين امرأة.
وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما منكاحاً حتى نكح زيادة على مائتي امرأة وقد قال عليه السلام :"أشبهت خلقي وخلقي".
يقول الفقير : قد تزوج شيخي وسندي روح الله روحه قدر عشرين وجمع بين أربع مهرية وخمس عشرة سرية، وكان يقول للعامي حين يسأل عن كثرة نكاحه أن لكل أحد ابتلاء في هذه الدار وقد ابتليت بكثرة النكاح ويقول لهذا الفقير في خلوته إنها من أسرار النبوة وخصائص خواص هذه الأمة وأشار به إلى الحديث المشهور "حبب إليّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة" فهذا العشق والمحبة إنما يكون لأصحاب النفوس القدسية وهم يطالعون في كل شيء ما لا يطالعه غيرهم.
ونعم ما قيل :
منعم كنى زعشق ودي اي مفتى زمان
معذور دارمت كه تو اورا نديده