أو موت العلماء والفقهاء والخيار وفي الحديث : إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا وفي ذكر إذا دون إن إشارة إلى أنه كائن لا محالة بالتدريج.
وقال سلمان رضي الله عنه : لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر فإذا هلك الأول ولم يتعلم الآخر هلك الناس.
وقال ابن المبارك : ما جاء فساد هذه الأمة إلا من قبل الخواص وهم خمسة العلماء والغزاة والزهاد والتجار والولاة أما العلماء فهم ورثة الأنبياء، وأما الزهاد فعماد الأرض، وأما الغزاة فجند الله في الأرض، وأما التجار فإمناء الله في الأمة، وأما الولاة فهم الرعاة فإذا كان العالم للدين واضعاً للمال رافعاً فبمن يقتدى الجاهل؟ وإذا كان الزاهد في الدنيا راغباً فبمن يقتدي التائب وإذا كان الغازي طامعاً فكيف يظفر بالعدو، وإذا كان التاجر خائناً فكيف تحصل الأمانة، وإذا كان الراعي ذئباً فكيف تحصل الرعاية.
نكند جور يشه سلطاني
كه نيايد ذكرك وباني
والإشارة أو لم يروا أنا نأتي الأرض البشرية ننقصها من أطرافها من أوصافها بالازدياد في أوصاف الروحانية وأرض الروحانية ننقصها من أخلاقها بالتبديل بالأخلاق الربانية وأرض العبودية ننقصها من آثار الخلقية بإظهار أنوار الربوبية والله يحكم من الأزل إلى الأبد لا معقب لا مقدم ولا مؤخر ولا مبدل لحكمه وهو سريع الحساب فيما قدر ودبر وحكم فلا يسوغ لأحد تغيير حكم من أحكامه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٤
﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ تسلية لرسول الله أي مكر الذين قبل مشركي مكة بأنبيائهم والمؤمنين بهم كما مكر أهل مكة بمحمد عليه السلام ومكرهم ما أخفوه من تدبير القتل والإيذاء بهم، مكر نمرود بإبراهيم عليه السلام وبني الصرح وقصد السماء ليقتل رب إبراهيم، ومكر فرعون بموسى عليه السلام واليهود بعيسى عليه السلام وثمود بصالح عليه السلام كما قالوا لنبيتنه وأهله أي لنقتلهم ليلاً ومكر كفار مكة في دار الندوة حين أرادوا قتل النبي فللَّه المكر جميعاً مكر الله إهلاكهم من حيث لا يشعرون شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة.
وفي الكواشي أسباب المكر وجزاؤه بيد الله لا يغلبه أحد على مراده فيجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين إذا هو من خلقه فالمكر جميعاً مخلوق له ليس يضر منه شيء إلا بإذنه ثم بين قوة مكره وكماله بقوله يعلم ما تكسب كل نفس من خير وشر فيعد جزاءها.
وفي التأويلات النجمية في أهل كل زمان وقرن مكر وهم يمكرون به فللَّه المكر جميعاً فإنه مكر بهم ليمكروا بمكره مكراً مع أهل الحق ليبتليهم الله بمكرهم ويصبروا على مكرهم ثقة بالله إنه هو خير الماكرين.
وفي المثنوى :
مر ضعيفاً توبي خصمي مدان
از نبي إذ جاء الله بخوان
كرد خود ون كرم يله برمتن
بهر خوده ميكنى اندازه كن
كر تويلى خصم تو از تورميد
نك جزا طيرا ابابيلت رسيد
كر ضعيفي در زمين خواهدامان
غلغل افتد درساه آسمان
كر بد ندانش كزى رخون كنى
در ددندانت بكيرد ون كنى
٣٨٩
وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار من الفريقين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم في غفلة منه واللام تدل على أن المراد بالعقبى العاقبة المحمودة والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت ودخول الجنة.
قال سعدى المفتي : ثم لا يبعد أن يكون المراد والله أعلم سيعلم الكفار من يملك الدنيا آخراً فاللام للملك انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٩
فينبغي للمؤمن أن يتوكل على المولى ويعتمد على وعده ويوافقه باستعجال ما عجله واستئجال ما أجله وكما أنه تعالى نصر رسوله فكان ما كان، كذلك ينصر من نصر رسوله في كل عصر وزمان، فيجعله غالباً على أعدائه الظاهرة والباطنة روى أنه عليه السلام أمر في غزوة بدر أن يطرح جيف الكفار في القليب وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث أمر عليه السلام براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه حتى وقف على شفة القليب وجعل يقول يا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقاً فإني وجدت ما وعدني الله حقاً فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا روح فيها فقال عليه السلام : ما أنتم باسمع لما أقول منهم وفي رواية لقد سمعوا ما قلت غير إنهم لا يستطيعون أن يردوا شيئاً.